تمحيص أسطورة "لقد جعلنا الصحراء تُزْهر"

2023-11-14

 تمحيص أسطورة "لقد جعلنا الصحراء تُزْهر"

"كان البلد [فلسطين] في معظمه صحراء قفرًا، وما من شيء آخر سوى عدد قليل من جزر الاستيطان العربي. والواقع إن أرض إسرائيل الصالحة للزراعة اليوم مستنقعات وبراري مستصلحة".

  شمعون بيريز (وزير الإعلام الإسرائيلي سابقًا)[2]

"أبعدما "جعل الصهاينة الصحراء تزهر" صاروا [الفلسطينيون] راغبين في أخذها منَّا؟! "

ليفي أشكول (رئيس وزراء إسرائيل سابقًا)[3]                                                                   

 

[1] رأت الصهيونية- ولطالما كان هذا موضوعًا مركزيًا لها- أنه لا سبيل إلى استعادة الشعب اليهودي كرامته، بعدما اقتصروا لقرونٍ على المهن الحضرية، إلا بالعودة إلى العمل الزراعي. وفي خضم حماسهم لهذه الصورة المثالية، أظهر الصهاينة ميلًا مفهومًا إلى المبالغة في تقدير مدى إنجازاتهم. غير أن ثمة أسبابًا أخرى- أقل احترامًا- لهذه المبالغة. خلال الانتداب، كان الاهتمام الطاغي للصهيونية منصبًّا على ضمان هجرةٍ بلا عوائقَ لليهود إلى فلسطين. وقد حاولوا- تحقيقًا لهذه الغاية- إقناع الرأي العام العالمي أن البلد كانت بمثابة صحراء غير مأهولة- أرض بلا شعب لشعب بلا أرض- يمكن للمهاجرين اليهود أن يستوطنوها دون المساس بمصالح أحد.  وفي الوقت نفسه، أكد الصهاينة لمن كانوا على درايةٍ بواقع أن فلسطين آهلة بالعرب التفوق التقني لزراعتهم على زراعة الفلاحين من السكان الأصليين الذين بدورهم سيفيدون كثيرًا- حدَّ زعمهم- من طرائق الزراعة الحديثة التي يتعلمونها من المهاجرين اليهود. منذ قامت إسرائيل والصهاينة يستعينون جُلَّ الأحيان بزعم أنهم "جعلوا الصحراء تزهر" لتسويغ تأسيس دولة إسرائيل في فلسطين 1947-1948. من ناحية، بُخِس هول النكبة التي تجرعها الفلسطينيون بتكرار ما زُعم قديمًا أن البلد في معظمها قبل وصول الصهاينة كانت صحراء لا تجد من يسكنها. ومن ناحية أخرى، ذهب الصهاينة بحجتهم المتعلقة بتفوق زراعتهم- على زراعة الفلسطينيين- خطوة أبعد وزعموا أن دعوى سيادتهم للبلد أقوى؛ فقد سخروا طاقاتها الزراعية بكفاءة تفوق كل ما كان يمكن للفلسطينيين فعله. وسواء أكانت الزراعة الإسرائيلية أكثر تقدمًا مما كان يمكن للزراعة الفلسطينية أن تكون إن لم يجرد الفلسطينييون من أرضهم أم لم تكن، فإن المرء يذهل من الجزم بأن سيادة منطقةٍ ما يجب أن تكون للشعب الأقدر على تنمية مواردها. وللمرء أن يتساءل عما كان ليؤول إليه الوضع العالمي لو تبنت القوى العظمى هذا المبدأ أساسًا لسياساتها الخارجية.

لقد أفضى تكرار بيانات من قبيل ما اقتُبس أعلاه من بيريز وأشكول- رغم عدم صحتها- إلى رواج اعتقاد أن فلسطين كانت أرضًا مقفرة جدباء وقد أحالها الصهاينة جنة عدن. فما الحقائق؟

هل كانت فلسطين صحراء؟

يستعمل الجغرافيون مصطلح "الصحراء" بمعنيين مرتبطين ارتباطًا وثيقًا. أولهما يصف نوعًا من المناخ يتسم بالجفاف المفرط. وفي معناها الثاني، تستعمل الكلمة للإشارة إلى نوع من المناطق الطبيعية تكون فيها- لجفافها- المساحة المزروعة محدودة إلى حد بالغ، والكثافة السكانية الريفية بالغة القِلَّة، ولا وجود للكساء النباتي الطبيعي أو هو شحيح متناثر.

لقد ابتكر المناخيون عددًا من مخططات التصنيف المناخي، ولا يقع مناخ فلسطين كَكُل في أحدها في فئة "الصحراء". وإن النصف الشمالي من البلدة كلَّه تقريبًا ليشهد ما يُصطلح عليه بمناخ "البحر الأبيض المتوسط"، مع فصول صيف جافَّة، لكن الأمطار تنهمر بغزارة في الشتاء. يتزايد هطول الأمطار بشكل عام اتجاهًا من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، وهو في المرتفعات أشدُّ منه في السهول. وإن متوسط أرقام هطول المطر السنوية في تل أبيب والناصرة والقدس- 539 ملم و639 ملم و486 ملم على الترتيب- مثال على فيض المطر.

تشهد صحراء النقب التي تشكل النصف الجنوبي من فلسطين- على النقيض- مناخًا صحراويًا واقعًا، إلا أن هطول المطر- مجددًا- يتزايد شمالًا وغربًا ويميل إلى أن يكون أشد في المرتفعات منه في السهول. على سبيل المثال، يبلغ متوسط تساقط المطر السنوي في إيلات عند رأس خليج العقبة 25 ملم فحسب، بينما يصل المتوسط في بئر السبع شمال النقب إلى 204 ملم من المطر سنويًا. ولا يمكن تحديد الخط الفاصل بين مناطق مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي بدقة تامة. ويتفق المناخيون عامة أن ثمة تحديدًا عمليًا جيدًا يوفره الخط الذي يربط بئر السبع بالعريش على ساحل سيناء.

وثمة منطقة أخرى- لكنها محدودة- ذات مناخ صحراوي واقع تمتد في شمال فلسطين على طول وادي الأردن الواقع في "الظل المطري" لمرتفعات يهودا والسامرة. على سبيل المثال، يبلغ متوسط المطر السنوي في أريحا الواقعة شمال البحر الميت قليلًا 143 ملم فحسب.

في ضوء هذه الحقائق المناخية، لا يُدهَش المرء من أن معظم النصف الشمالي من فلسطين مُتَعهد بالزراعة، وأنه قد ضمَّ مجتمعات سكانية زراعية لعقود. إلا أنه مع انهيار الإمبراطورية العثمانية، شهدت فلسطين إلى جانب بقية دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقلصًا تدريجيًا في مساحة الأرض المزروعة، وما صاحَبَ ذلك من هجرٍ للقرى وتعديات البدو الرُحَّل. ومن الصعب أن تضع المسؤولية على عاتق المزارعين الفلسطينيين، وإنما تمثلت الأسباب الجذرية في نظام ضريبي جائر وإدارة خرقاء أثقلا كاهلهم. وورد في روايات الرحالة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر "أنَّه من الواضح أن حياة الإقامة المستقرة قد تقلصت إلى التلال، حيث استُبقي اقتصاد قام إلى حد كبير على الكفاف من زراعة الحبوب. وعادة ما كانت السهول خاوية وتُركت أماكنَ للرعي للقبائل البدوية التي توغلت من الشرق خلال القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر. وترتب على إهمال الينابيع والجداول تكوُّنِ المستنقعات واتساعها في مناطق متعددة أبرزها سهل الحولة.[4]

ومع ذلك، كان التغيير قد شقَّ لنفسه طريقًا. مع تحول أوروبا إلى الصناعة ونمو أعداد سكانها، تصاعد طلبها للغذاء والمواد الخام. وأثناء الاحتلال المصري لفلسطين- من 1831 إلى 1840- شهد البلد فترة من الإدارة الناجعة كان في أمس الحاجة إليها. وبعدما استعاد العثمانيون سلطتهم، أصلحوا نظام حكمهم المحلي. وفي غضون تلك الأوقات، اتخذت خطوات نشطة للسيطرة على البدو؛ إما بمعاونتهم على الاستقرار أو بدفعهم إلى مناطق وعرة مناخيًا وطوبوغرافيًا. وفي الوقت نفسه، حُسِّنت وسائل الاتصال. وقد كانت عملية احتلال المساحات التي قد زرعت قبلًا والقرى المهجورة- مهما تكن بطيئة ومتفرقة عارضة- جارية خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر قبل حلول الهجرة اليهودية واسعة النطاق. وكما صاغ ذلك بومونت وآخرون "في تاريخ تطور مشهد الطبيعة، يمكن تصور الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى إلى حد بعيد على أنها الفترة التي شهدت استمرار تطورات سابقة، لكن بوتيرة متسارعة."[5]

وقتما ظفرت بريطانيا بالانتداب على فلسطين، كانت معظم الأراضي الصالحة للزراعة قيد الزراعة، وصارت مسألة الأرض قضية مثيرة للنزاع بشدة، إذ أُلزِمت بريطانيا، بموجب المادة 6 من الانتداب، أن "ترعى... مستوطنات متراصة لليهود على الأرض" وفي الوقت نفسه "تضمن عدم المساس بحقوق ووضع قطاعات أخرى من السكان." وسرعان ما تبين أن هذين المطلبين لا يأتلفان. وقد خلُص تعاقبٌ من لجان ملكية إلى أن ما بيع من الأرض لليهود كان مصدرًا رئيسيًا للسخط العربي. كانت الأراضي التي اشتراها الصندوق القومي اليهودي- الوكالة الصهيونية الرئيسية لحيازة الأرض- حصرًا على استيطان اليهود، ولم يكن بالإمكان تأجيرها أو إعادة بيعها إلى العرب، الذين لم يتوقعوا حتى أن يكون لهم فيها عملٌ أو وظيفة. وفي كثير من الحالات، سبق لمثل هذه الأراضي أن تُعهدت بالزراعة من قبل المزارعين العرب المستأجرين الذين وجدوا أنفسهم- بعد تغيير الملكية- بلا أرض. ومع النمو السكاني السريع للعرب الريفيين، سرعان ما نبت وسط العرب "جوع الأرض" وساهم استمرار شراء الصهاينة الأراضي في استشرائه بشدة. أشارت لجنة بيل Peel Commission إلى أن "ما تلقوه من أدلة من مسؤولين حكوميين قد أرست حقيقة أنه حتى 1930 أو 1931، كانت ثمة أراضٍ متاحة للمستأجرين المهجَّرين، لكن منذ عام 1932 فصاعدًا، بات عسيرًا أشد العسر على هؤلاء الناس أن يجدوا لأنفسهم أرضًا."[6]

بات ما بلغته مساحة الأرض التي أتيحت للمهاجرين اليهود قضية رئيسية. وقد خلُصت لجنة شو Shaw Commission، في تقريرها عام 1930، أن "الحقائق الجلية للقضية تتمثل في أنه لم تعد ثمة أراضٍ متاحة يمكن أهلها بالمهاجرين الجدد دون تهجير سكانها الحاليين."[7] وفي العام نفسه، أجرى السير جون هوب سمبسون دراسة جامعة لطاقات فلسطين الزراعية. وقد ورد في تقريره: "لقد تجلَّى بما لا شك فيه أنه لا تتوفر أي مساحة من الأرض للاستيطان الزراعي من قبل المهاجرين الجدد في الوقت الراهن وفي ظل طرائق زراعة العرب القائمة، ولا يستثنى منها إلا أراضٍ غير مستثمرة كتلك التي تحتفظ بها الوكالات اليهودية في جعبتها احتياطًا."[8]

يكتنف تعريف الأرض "الصالحة للزراعة" الكثير من الجدل. عرَّفت حكومة فلسطين الأرض "الصالحة للزراعة" على أنها "أرض قيد الزراعة فعليًّا، أو يمكن استصلاحها للزراعة بالاستعانة بالعمالة أو بموارد الزارع الفلسطيني العادية."[9] وقد بلغت مساحة الأرض الصالحة للزراعة عام 1945 في إحصاء الحكومة 9,205,538 دونمًا[10]من إجمالي مساحة أرض فلسطين البالغة 26,323,023 دونمًا.[11] جادل الصهاينة أنه تقدير باخس أشد البخس لاستبعاده الأرض التي يمكن استصلاحها للزراعة بالاستعانة بالتقنيات الزراعية الحديثة. وارتأت الوكالة اليهودية أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة واقعًا كانت 12,697,000.[12] وهذا الرقم يتضمن ما يقارب 695,000 دونمًا من أرض غابات صالحة للزراعة، وإذا ما استثنينا هذه المساحة لأغراض المقارنة برقم الحكومة، يصير الإجمالي 12,002,000 دونمًا. وعلى هذا، كان صافي الفارق بين رقم الحكومة ورقم الوكالة اليهودية 2,801,462 دونمًا.

ولا شك أن الاعتراض الصهيوني على تعريف الحكومة للأرض الصالحة للزراعة كان وجيهًا. وفي واقع الأمر، هناك من الأدلة ما يشير إلى أن المصطلحين "صالح للزراعة" و "مزروع" في عين الحكومة مترادفان.[13] وقد دعم السير جون هوب سمبسون- بمقتضى كلامه- الرؤية الصهيونية حين أورد في تقريره أنه لا يمكن للأرض أن تعيل عددًا أكبر من الناس إلا بإدخال طرائق زراعة مكثفة. ورغم ذلك، وحدَّ تعبير لجنة بيل، "لا يملك القروي العربي في الوقت الراهن رأس المال ولا حدَّ التعليم اللازم للزراعة المكثفة. بينما اليهودي يملك. غير أن نقص هذين المتطلبين الأساسيين لا يسوِّغ مصادرة ملكيات العرب لإخلاء سبيلٍ لمستعمر أكثر ثراءً وإقدامًا، حتى وإن كانت طرائق العربي التقليدية، وفي بعض الحالات نظامه لحيازة ورعاية الأرض، قد تؤخر التنمية."[14]

ومع هذا، ورغم ما يمكن توجيهه من نقد إلى تعريف الحكومة للأرض "الصالحة للزراعة"، فما زال الفلسطينيون زارعي جزءًا كبيرًا لا يستهان به من بلدهم. وإذا كان العرب الفلسطينيون بحلول عام 1930 قد نجحوا- وفقًا للسير جون هوب سمبسون- في زراعة جميع ما كانوا قادرين على استصلاحه من الأرض بالاستعانة بطرائقهم التقليدية، فلا بد- بمقتضاه- أن تكون مساحة ما حازوه من أرض عام 1945 مثل مساحة ما استصلحوه في تلك السنة. حاز العرب عام 1945 من الـ 9,205,538 دونمًا- إجمالي مساحة الأرض الصالحة للزراعة- 7,797,129 أي نسبة 84.7 في المئة. وعلى هذا، كانت نسبة 30 في المئة من إجمالي مساحة أرض فلسطين قيد الزراعة من قِبَل العرب عام 1945. وإذا ما استثنينا قضاء بئر السبع، الذي تتشابه حدوده كثيرًا مع حدود صحراء النقب، فإن النسبة ترتفع إلى ما يقارب 43 في المئة.[15]

علاوة على ذلك، تعهد العرب الفلسطينييون مساحات واسعة بالزراعة في جميع أجزاء البلد التي لم تكن صحراء خالصة (انظر جدول 1). وهكذا تعهد العرب ما يزيد عن نصف المساحة الكلية في خمسةٍ من خمسة عشر أقضية شمالية بالزراعة، وفي خمسةٍ أخرى كانت النسبة فيما بين 40 و 50 في المئة، وفي أربعةٍ كانت ما بين 30 و 40 في المئة. ولم تكن النسبة دون الـ 30 في المئة إلا في قضاء القدس الذي ضمَّ جزءًا كبيرًا من وادي الأردن الصحراوي القحل، وفي قضاء بئر السبع.

 

جدول 1: الأراضي الصالحة للزراعة المملوكة للعرب، عام 1945[16]

 

 

القضاء

 

الأرض الصالحة للزراعة المملوكة للعرب (مقيسة بالدونم)

 

المساحة الكلية للقضاء (مقيسة بالدونم)

النسبة المئوية للأرض الصالحة للزراعة المملوكة للعرب إلى مساحة القضاء الكلية

عكا

353,420

799,663

44.2

بئر السبع

1,934,849

12,577,000

15.4

بيسان

156,942

367,087

42.8

غزة

798,627

1,111,501

71.9

حيفا

345,646

1,031,755

33.5

الخليل

647,043

2,076,185

31.2

يافا

157,857

335,366

47.1

جنين

471,140

835,214

56.4

القدس

321,820

1,570,785

20.5

نابلس

638,491

1,591,718

40.1

الناصرة

208,975

497,533

42.0

رام الله

369,164

686,564

53.8

الرملة

485,717

870,192

55.8

صفد

269,935

696,131

38.8

طبريا

163,984

440,969

37.2

طولكرم

473,519

835,360

56.7

المجموع

7,797,129

26,323,023

29.6

 

    

جدول 2: التعداد السكاني لعرب ريف فلسطين، عام 1944[17]

 

 

القضاء

التعداد السكاني لعرب الريف (من غير البدو الرُّحَل)

التعداد السكاني الكلي للعرب

النسبة المئوية لتعداد عرب الريف إلى التعداد السكاني الكلي للعرب

تعداد البدو

النسبة المئوية لتعداد البدو  إلى التعداد السكاني للعرب

عكا

52,510

65,380

80.3

560

0.9

بئر السبع

53,550

47,980

89.6

بيسان

11,410

16,590

68.8

غزة

78,460

134,290

58.4

530

حيفا

53,670

120,120

44.7

0.4

الخليل

63,010

89,570

70.4

2,000

يافا

40,160

109,700

63.4

2,270

2.2

جنين

52,890

56,880

93.0

2.1

القدس

65,300

147,750

44.2

7,070

4.8

نابلس

65,730

89,200

73.7

220

0.3

الناصرة

24,290

38,500

63.1

رام الله

39,280

47,280

83.1

الرملة

62,130

97,850

63.5

3,780

3.9

صفد

36,570

46,920

77.9

820

1.8

طبريا

20,790

26,100

79.7

طولكرم

63,150

71,240

88.6

المجموع

729,350

1,210,920

60.2

65,230

5.4

 

وفي الوقت نفسه، تعهد الفلسطينيون العرب نسبة كبيرة من ال 1,176,745 دونمًا من الأرض الصالحة للزراعة المملوكة لليهود عام 1945 ومما يقارب الـ 177,500 دونمًا من الأرض الصالحة للزراعة المملوكة للدولة والتي أُجِّرت لهم في تلك السنة[18] بالزراعة، في حال لم يستحوذ الصهاينة على الأرض.

إن الزعم بأن فلسطين كانت أرضًا قفرًا جدباء قبل وصول الصهاينة وقيام إسرائيل لتدحضه أيضًا الأدلة الديموغرافية. وإننا نجد سكان الحضر الذين لا يعتمدون في معيشتهم- حسب التعريف- على الزراعة في كثير من مناطق العالم الصحراوية، وليس في إمكان صحراء غير مزروعة أن تكون مأوًى ومُقامًا لمجتمع كبير من سكان الريف (من غير البدويين الرُحَّل). ولو كانت فلسطين صحراء، لكان تعداد سكانها الريفيين شديد الضآلة. إلا أنه بنهاية عام 1944، صُنِّف ما لا يقل عن 729,350 أو 60.2 في المئة من إجمالي تعداد سكان عرب فلسطين البالغ 1,210,920 على أنهم ريفيون غير رُحَّل (انظر جدول 2). وكانوا يعيشون فيما يقارب مجموعه 850 قرية وضَيْعَة متفرقة منتشرة في النصف الشمالي من فلسطين. ولم يكن ثَمَّ قضاء لم يستوطن العرب فيه في مواقع ريفية إلا قضاء بئر السبع، الذي كان صحراء خالصة. في خمسةٍ من أقضية فلسطين الشمالية الخمسة عشر، كان ما يزيد عن 30 في المئة من إجمالي السكان العرب ريفيين غير رُحَّل، بينما كانت النسبة بين الـ 65 والـ 80 في المئة في أربعة أقضية، وفي أربعة أخرى كانت النسبة بين الـ 50 والـ 60 في المئة. حتى في القضاءين اللذين كان سكان ريفهما المستوطنين أقل من نصف تعداد سكانها من العرب (حيفا والقدس)، ما تزال النسبتان حدَّ التصنيف مرتفعة؛ إذ بلغتا 45 و 44 في المئة على الترتيب.

تبلغ مساحة أرض فلسطين 26,323 كم مربعًا فحسب، وبنهاية 1944 كانت كثافة السكان العرب الريفيين غير الرُحَّل مرتفعة (انظر جدول 3). وباستثناء قضاء بئر السبع، الذي لم يشهد استقرارًا للعرب بشكل دائم في مواقع ريفية، تراوحت كثافة السكان العرب الريفيين غير الرُحَّل من 120 في الكيلومتر مربع الواحد في قضاء يافا إلى 31 في الكيلومتر مربع الواحد في قضاء الخليل. وفي شمال فلسطين ككل، بلغت قيمتها 53 في الكيلومتر مربع الواحد. وحتى لو أُخذ قضاء بئر السبع في الاعتبار، كانت كثافة السكان العرب الريفيين والمقيمين في كل أرض فلسطين ما تزال مرتفعة حدَّ 28 في الكيلومتر مربع الواحد.

 

جدول 3 :كثافة سكان فلسطين العرب الريفيين غير البدو، 1944[19]

 

القضاء

تعداد السكان العرب الريفيين غير البدو

المساحة

(بالكم مربع)

الكثافة (في الكم مربع الواحد)

عكا

52,510

799.7

65.7

بئر السبع

12.577

بيسان

11,410

367.1

31.1

غزة

78,460

1,111.5

70.6

حيفا

53,670

1,031.8

52.0

الخليل

63,010

2,076.2

30.5

يافا

40,160

335.4

119.7

جنين

52,890

835.2

63.3

القدس

65,300

1,570.8

41.6

نابلس

65,730

1,591.7

41.3

الناصرة

24,290

497.5

48.8

رام الله

39,280

686.6

57.2

الرملة

62,130

870.2

71.4

صفد

36,570

696.1

52.5

طبريا

20,790

441.0

47.1

طولكرم

63,150

835.4

75.6

المجموع

729,350

26,323

27.7

 

يؤكد الصهاينة ومؤيدوهم أحيانًا أن البدويين الرُحَّل شكلوا نسبة كبيرة لا يستهان بها من تعداد عرب فلسطين. ولا تؤيد الأرقام في جدول 2 ذلك. بنهاية 1944، عاش ما يقارب 65,000 بدويًا في البلد، أي ما يعادل 5.4 في المئة فقط من العدد الكلي للعرب الفلسطينيين. سكن 48 ألفًا من هؤلاء البدو- أي نسبة 74 في المئة من المجموع- قضاء بئر السبع المطابق لأرض صحراء النقب، ولا تجد البدو إلا في ثمانية من الأقضية الخمسة عشر الشمالية. وفي تلك الثمانية، لم تتعدَ نسبة البدو إلى تعداد السكان العرب ما يزيد عن 3 في المئة إلا في قضائي القدس والرملة، حيث كانتا 4.8 في المئة و 3.9 في المئة على الترتيب. ويحتمل أن يكون عدد البدو الكلي 65,230 تقديرًا باخسًا للواقع، لكن حتى تبني الرقم الأدق البالغ 85,000[20] لا يرتفع بنسبتهم إلى العدد الكلي للسكان العرب إلا إلى 7 في المئة.

هل الإسرائيليون "جعلوا الصحراء تزهر"؟    

قبل قيام إسرائيل عام 1948، كانت التقنيات الحديثة للزراعة المكثفة، إلى جانب مشاريع استصلاح الأرض وحفظها، قد تمخضت عن عوائد كبيرة في الزراعة اليهودية وامتداد الزراعة إلى أراضٍ ذات مناخ شبه صحراوي كانت فيما قبل قاحلة ومناطق المستنقعات والكثبان الرملية. وما وقع من نماء منذ 1948 كان مثيرًا للإعجاب بقدر سابقه.

ومن الفجاجة التقليل من هذه المنجزات، لكنه لا بد من وضعها في منظورها الحقّ. كانت إسرائيل، مثلها مثل المجتمع اليهودي في فلسطين فيما قبل 1948، محظوظة بامتلاكها قوة عاملة ماهرة ومنفذًا إلى مخزون مالي ضخم. وقد انتفعت إسرائيل من صافي استيراد لرأس مال بلغ 31.5 مليار دولار.[21]وبإعلان هذا الرقم، علَّق وزير مالية إسرائيل سمحا إرليخ "لقد مكننا هذا المال من غزو الصحراء، وضخ المياه إلى النقب."[22]

ساهمت الجالية اليهودية الأمريكية بمفردها، فيما قبل 1948، بما لا يقل عن 445 مليون دولار لنظيرتها في فلسطين.[23] وفي الوقت نفسه، لعبت الأملاك التي خلَّفها وراءهم اللاجئون الفلسطينييون دورًا محوريًا في اقتصاد إسرائيل. قدرت لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بفلسطين قيمة هذه الملكية لعام 1948- مستثنية قيمة الأراضي غير الصالحة للزراعة والمباني الريفية- نحو ما يقارب 481 مليون دولار.[24] وقد قدم الدكتور يوسف صايغ تقديرًا آخر أكثر تفصيلًا وشمولية. ويقدر الممتلكات التي كانت ملكية خاصة للاجئين بما يزيد قليلًا عن 3 مليارات دولار وقد ازدادت في القيمة إلى ما يقارب 11.2 مليار دولار بحلول عام 1974.[25]

حين يُجزَم بأن إسرائيل قد "جعلت الصحراء تزهر"، فغالبًا ما يعني هذا ببساطة أن إسرائيل قد أدخلت الزراعة إلى أراضٍ شاسعة لم تعرف الزراعة قبلًا. إلى أي حد تدعم هذا الزعم الوقائعُ؟ بلغت مساحة الأرض قيد الزراعة في إسرائيل عامي 1948-1949 1,650,000 دونمًا، كانت 300,000 دونمًا منها مروية. وبعد ذلك بستة وعشرين عامًا، أي عامي 1974-1975، اتسعت رقعة الأرض المزروعة لتصل مساحتها الكلية إلى 4,320,000 دونمًا، من بينها 1,830,000 دونم مروي. أي أن رقعة الأرض المزروعة قد اتسعت بمقدار 2,670,000 دونمًا. ومع ذلك لوحظ في الملخص الإحصائي لإسرائيل أن "مساحة الأرض المزروعة بالمحاصيل قد قُيِّدت نفس عدد مرات مساحة الأرض المبذورة"[26] في تحديد مساحة الأرض المزروعة. ولذا تكون مساحة الأرض الفعلية المزروعة أقل من الرقم الوارد في الملخص للأراضي المزروعة؛ إذ بُذِرت بعض هذه الأراضي أكثر من مرة. لا تتيح الأحوال الجوية في إسرائيل إلا زراعة محصول واحد في السنة في الأرض اللامروية، وبالطبع لا يمكن للأرض المروية التي تحمل في بطنها بساتين الفاكهة والكروم أن تحمل أكثر من محصول واحد في السنة. وعلى هذا يكون حساب الفارق بين الأرض قيد الزراعة واقعًا وتلك الأراضي المزروعة الواردة في الملخص الإحصائي مقصورًا على الأراضي المروية التي تحمل في بطنها محاصيل حقلية (مبذورة)، كالقمح مثلًا. من بين ال 300,000 دونمًا التي كانت مروية فترة 1948-1949، حملت 135,000 دونمًا محاصيل حقلية، ويمكن افتراض أنها بُذِرت مرتين على الأقل، في المتوسط، في تلك السنة. وبالتالي كانت مساحة الأرض المزروعة محاصيلَ حقلية (مبذورة) لتكون ما يقارب 67,500 دونمًا. وإذا أُضيفت الـ 165,000 دونمًا من البساتين المروية وبرك السمك (الواردة في الملخص الإحصائي على أنها أرض مروية)، يقارب مجموع مساحة الأراضي قيد الزراعة المروية 232,500 دونمًا. وإذا ما أضيف إلى هذا مساحة الأرض غير المروية قيد الزراعة البالغة حدَّ 1,350,000 دونمًا، سنجد أن مجموع مساحة الأرض الفعلية قيد الزراعة خلال الفترة 1948-1949 كانت 1,582,500 دونمًا. وبإجراء نفس الحسابات التي أجريت على آخر الأرقام، نجد أن مجموع المساحة الفعلية قيد الزراعة يقارب 3,800,000 دونمًا. وعلى هذا تكون مساحة الأرض الفعلية قيد الزراعة- في مقابل مساحة الأرض المزروعة بمحاصيل- قد اتسعت بما يقارب 2,200,000 دونمًا من الفترة 1948-1949 إلى الفترة 1974-1975.

وإن هذا ليبدو منجزًا مذهلًا لإسرائيل إلى أن يؤخذ في الاعتبار الأراضي التي خلَّفها اللاجئون الفلسطينيون وراءهم في هجمات عامي 1947 و1948. قدَّرت لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بفلسطين أن المساحة الفعلية للأرض الصالحة للزراعة (حدَّ تعريف حكومة فلسطين) كانت ما يقرب من 4,574,000 دونمًا.[27]وقد أشير أعلاه إلى أن جميع الأراضي التي يمكن إدخالها حيز الزراعة في القطاع العربي من الزراعة الفلسطينية كانت قد تُعهدت بالزراعة بحلول أوائل الثلاثينات، وعلى ذلك كانت الأراضي الصالحة للزراعة المُخلَّفة عامي 1947 و 1948 جميعها في واقع الأمر قيد الزراعة. والواقع إن المساحة التي تعهدها العرب بالزراعة فيما صار بعدُ إسرائيل عام 1947 كانت أكبر من مساحة الأرض الفعلية التي كانت قيد الزراعة في إسرائيل بعد ما يقارب ثلاثين عامًا.[28] ولا شك أن الأولى[29] تضمنت أراضٍ حدية ارتأت إسرائيل أنها غير جديرة بالزراعة. ومع ذلك، تلقي الأرقام ضوءًا كاشفًا على ما تتباهى به إسرائيل من منجزات.

هكذا بدأت إسرائيل حياتها بمخزون ضخم من الأراضي المخلَّفة. وفي السنوات الأولى لقيام دولتها، حين كان المهاجرون إليها يتدفقون، "استصلحت" هذه الأراضي للزراعة بمعدل مثير للإعجاب. وفي السنوات الأربع من 1948-1949 إلى 1952-1953، قاربت مساحة الأرض الفعلية قيد الزراعة في إسرائيل ضعف ما كانت عليه؛ إذ نمت من 1,582,500 دونمًا إلى 3,339,000 دونمًا، بمتوسط معدل سنوي يصل إلى 20.5 في المئة. من بين 370 مستوطنة جديدة أقيمت في إسرائيل في فترة 1948-1949، كان مالا يقل عن 350 مستوطنة واقعًا في ملكية اللاجئين.[30] وبحلول عام 1953، استُنزفت معظم الأراضي الزراعية الخصبة التي خلفها اللاجئون وراءهم إلى حد كبير، وفي الـ 23 عامًا التي تلته، من 1952-1953 إلى 1975-1976، ازدادت مساحة الأرض الفعلية قيد الزراعة إلى 3,768,000 بنسبة 12.9 في المئة فحسب، بمتوسط معدل 0.6 في المئة سنويًا فحسب. ازدادت مساحة الأرض المزروعة في الفترة الأولى بما مجموعه 1,756,500 دونمًا. وفي الفترة الثانية، بلغ مجموع مساحة الأرض المستصلحة للزراعة 429,000 دونمًا فحسب. أي أن ما يقارب 80 في المئة- وربما أكثر- من الـ 2,185,000 دونمًا "المستصلحة للزراعة" منذ عام 1948 هي في الأساس أراضٍ كانت ملكية للاجئين الفلسطينيين.

ومع هذا كله، غالبًا ما كان الجزم بأن إسرائيل قد "جعلت الصحراء تزهر" مقصودًا بلفظه. ويمكن اختبار مشروعية هذا الادعاء بتفحص مدى اتساع المساحة الفعلية قيد الزراعة في النقب فترة دولة إسرائيل. تتشابه حدود الصحراء إلى حد كبير مع حدود قضاء بئر السبع الإداري، وكانت المساحة الفعلية قيد الزراعة فترة 1949-1950 في ذاك القضاء 554,000 دونمًا. بينما بلغ هذا الرقم 1,095,000 دونمًا خلال الفترة 1975-1976.[31]ففي فترة الخمسة وعشرين عامًا هذه، كان أقصى ما بلغته المساحة الفعلية قيد الزراعة في النقب هو ضعف ما كانت عليه، وكان متوسط معدل التوسع 2.8 في المئة سنويًا. وقد وصلت نسبة الأرض المزروعة فترة 1975-1976 إلى 8.5 في المئة من إجمالي مساحة قضاء بئر السبع، أي 4.2 في المئة زيادةً عن نسبته في 1949-1950. ورغم أن 91.5 في المئة من مساحة النقب ما تزال إلى يومنا هذا قفرًا كما كانت في 1948، إلا أنه يظهر أن إسرائيل قد جلبت الزراعة إلى مساحة كبيرة ملفتة للنظر من الصحراء. ومع ذلك، يُظهر جدول 1 أن ما يقارب 1,900,000 دونمًا من مساحة الأرض الصالحة للزراعة كانت مملوكة للعرب في قضاء بئر السبع التابع للانتداب في 1945، وكل هذه الأرض- كما أشير سابقًا- كانت في واقع الأمر قيد الزراعة. وقد خُلِّف ما يقارب 1,800,000 دونمًا من هذه الأرض أثناء اعتداءات 1947-1948.[32] ولا تتطابق حدود قضاء بئر السبع التابع للانتداب والقضاء الإسرائيلي الذي يحمل الاسم نفسه تمام التطابق. إلا أن القضائين يغطيان من الأرض المشتركة ما يكفي للإشارة- مجددًا- إلى أن كثيرًا مما "استصلحته" إسرائيل كان أرضًا زراعية مملوكة للاجئين.

إن محدودية مساحة ما هو قيد الزراعة في وقتنا الحالي في النقب ليُرى في ضآلة تعداد سكان الريف في هذه المنطقة. ورغم زيادة مجموع سكان قضاء بئر السبع من 14,200 نهاية 1948 إلى 244,600 نهاية 1976، إلا أن النمو تركز بصورة كاسحة في المدن. في 1976، كان مجموع سكان حضر النقب 179,000، أي 73.2 في المئة من إجمالي سكان المنطقة. وكان ما لا يقل عن 115,500 أو 64.5 في المئة من سكان الحضر مقيمين إما في بئر السبع أو إيلات، المدينتين الأكبر. وبلغ عدد سكان الريف 65,600 فحسب، كان 39,500 أو 60.2 في المئة منهم عربًا يغلب فيهم البدو، و 26,100 أو 39.8 في المئة فحسب يهودًا.[33]وفي فترات الانتداب، كان غالبية بدو النقب رُحَّلًا أو شبه رحل، لكن أكثرهم صاروا فيما بعدها مقيمين أو شبه مقيمين. وحتى لو افتُرض أن البدو جميعهم كانوا مقيمين عام 1976، فما تزال كثافة سكان ريف النقب المقيمين ما يقارب 5 في الكيلومتر مربع الواحد.

على أية حال، لا تلتمع في الأفق أية إمكانية أو احتمال لزراعة مساحات أخرى مكثفة في النقب. إن العامل المقيِّد هو الماء، لا الأرض. يقدر متوسط كل ما يتاح لإسرائيل من الماء ولكل الاستخدامات ما يقارب مجموعه 2 مليار متر مكعب.[34] خلال فترة 1974-1975، استعمل 1.2 مليار متر مربع في الزراعة و 389 مليون متر مربع في الصناعة والمنازل.[35]وعلى هذا، وحتى لو افترضنا بقاء الاستهلاك المنزلي والصناعي في نفس مستوياته، فكل ما يتاح للتوسع في الزراعة المروية يقارب 404 مليون متر مربع فحسب. يتطلب كل دونم مروي في المتوسط 930 متر مربع من الماء سنويًا.[36]وعلى هذا، يتيح ما يتوفر من ماء امتداد الري إلى ما يقارب 434,400 دونمًا فحسب. في الوقت نفسه، يمكن- باستعمال الري- زراعة ما يزيد عن مليون دونمًا في النقب. وصحيح أنه يمكن زيادة صافي إمداد إسرائيل إلى حد كبير بممارسة مزيد من تدبير استعمال الماء وبإعادة تدوير الماء المستهلك على نطاق واسع. وإضافة إلى ذلك، يمكن مدُّ إجمالي الإمداد بإنتاج محطات تحلية مياه البحر. ومع ذلك، من الواضح قصور امتداد الزراعة بالري لسنين كثيرة قادمة للوفرة المحدودة للمياه.

وهاكم أبرز ما نخلص إليه بناء على كل هذا:

  1. لا يسود مناخ صحراوي واقع إلا فيما يقارب نصف فلسطين فحسب.
  2. كان التوسع في مساحة الأرض المزروعة جاريًا قبل وقوع الهجرة الصهيونية الجماعية.
  3. قرابة عام 1930، كان السكان العرب الأصليون قد تعهدوا بالزراعة كل الأراضي التي يمكن لهم زراعتها.
  4. كانت مساحة الأرض التي تعهدها العرب بالزراعة قبلًا فيما صار بعد إسرائيل أكبر من مساحة الأرض الفعلية قيد الزراعة في إسرائيل بعد مضي ثلاثين عامًا.
  5. إن التوسع في مساحة أرض إسرائيل المزروعة منذ 1948 ليبدو مثيرًا للإعجاب في ظاهره، لكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك؛ إذ تضمنَّ بشكل رئيسي "استصلاح" الأراضي المزروعة المملوكة للاجئين. ومن المحتمل أن يكون واقعُ صحراء النقب هو حال بقية إسرائيل.

 

 

[1] شغل آلن جورج منصب مساعد رئيس مجلس تعزيز التفاهم العربي-البريطاني في لندن.

[2]  Shimon Peres, David's Sling: The Arming of Israel (London: Weidenfeld and Nicolson, 1970), p. 249.

[3]  Levi lE'shkol, Jerusalem Post, February 17, 1969.

[4] Peter Beaumont, Gerald H. Blake and J. Malcolm Wagstaff, The Middle East: A Geographical Study (London: John Wiley and Sons, 1976), p. 121.

[5] المرجع نفسه، ص. 124.

[6] Palestine Royal Commission Report, July 1937, Cmd. 5479, p. 178.

[7] المرجع نفسه، ص. 176.

[8] Frances Newton, Fifty Years in Palestine (Wrothan: Coldharbour Press Limited, 1948), p. 253.

[9] Palestine Royal Commission Report, p. 173.

[10] وحدة قياس لمساحة الأرض، وقد استعملت لأول مرة خلال حكم الدولة العثمانية.

[11] Sami Hadawi, ed., Village Statistics, 1945: A Classification of Land and Area Ownership in Palestine (Beirut: PLO Research Center, 1970), p. 37. One dunum =1,000 square metres.

[12]المرجع نفسه. ص. 36، Palestine Royal Commission Report, p. 173.

[13] Hadawi, op.cit., p. 23.

[14] Palestine Royal Commission Report, p. 174.

[15] أضف إلى ذلك حيازة العرب لما يقارب 63,700 دونمًا من أرض صالحة للزراعة مملوكة للدولة بموجب عقود طويلة وقصيرة الأمد، وكانوا هم من تعهدوها بالزراعة، وهم في واقع الأمر مَنْ تعهدوا بالزراعة مساحات محدودة من أرض صالحة للزراعة مملوكة للدولة لم تؤجَّر لهم.

Hadawi, op.cit., 'pp. 31-32. 

[16]  Hadawi, ed., op. cit., pp. 31-32. 

[17] Hadawi, ed., op. cit., pp. 31-32.

[18] المرجع نفسه.

[19]  Hadawi, ed., op. cit., pp. 31-32.  

[20] Janet L. Abu Lughod, "The Demographic Transformation of Palestine," in I. Abu Lughod, ed., The Transformation of Palestine (Evanston, Illinois: Northwestern University Press, 1971), p. 152.

[21] Maariv, July 1, 1977.

[22] المرجع نفسه.

[23] Walid Khalidi, ed., From Haven to Conquest (Beirut: Institute for Palestine Studies, 1971), p. 850.

[24] Don Peretz, Israel and the Palestine Arabs (Washington, D.C.: The Middle East Institute, 1958), pp. 143-47.

[25] Yusif A. Sayigh, The Economies of the Arab World (London: Croom Helm, 1978), p. 711.

[26]  Israel, Central Bureau of Statistics, Statistical Abstract of Israel, 1976, Introduction, p. 64. The figures for the cultivated area are on p. 354.

[27] John Ruedy, "Dynamics of Land Alienation," in I. Abu Lughod, op.cit., p. 135.

[28] إن الفارق بين المساحة التي تعهدها العرب بالزراعة فيما صار بعدُ إسرائيل عام 1947 وتلك المزروعة في إسرائيل عامي 1974 و 1975 لهو في واقع الأمر أكبر من الأرقام المذكورة هنا، وهذا راجع إلى ما تنطوي عليه الأرقام الواردة في الملخص الإحصائي لإسرائيل من أرض بوار لا وجود لها في تقديرات لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بفلسطين. 

[29] أي الأرض التي تعهدها العرب بالزراعة عام 1947.

[30] Peretz, op.cit., p. 143.

[31] وفرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية قياسي المساحة الفعلية قيد الزراعة في قضاء بئر السبع فترة 1949-1950 و 1975-1976. وليس ثمة قياس متاح لفترة 1948-1949.

[32] Peretz, op.cit., p. 144.

[33] Statistical Abstract of Israel, 1977.

[34] Efraim Orni and k'lisha Efrat, (Geography of Israel (Jerusalem: Third Revised Edition, Israel Universities Press, 1976), p. 441.

[35] Statistical Abstract of Israel, 1976, p.. 421.

[36] وفق الإحصاءات الزراعية وإحصاءات استعمال الماء لفترة 1974-1975.

التعليقات

أضف تعليقك

الكتاب

آلن جورج

آلن جورج

شغل آلن جورج منصب مساعد رئيس مجلس تعزيز التفاهم العربي-البريطاني في لندن…

المترجم

يوسف عيسى

يوسف عيسى

باحث ومترجم مهتم بالرياضيات البحتة وبفلسفة العلم والأدب …

أوراق ودراسات ذات صلة

مشاهدة المزيد
دين الرأسمالية (لاهوت النقود)
  • بينيات

دين الرأسمالية (لاهوت النقود)

جسد الَّذين أنعم الله عليهم
  • بينيات

جسد الَّذين أنعم الله عليهم

يا علبة الصبر:  كيف تورث الأغنية حكمة الأيام؟!
  • لا هذا ولا ذاك

يا علبة الصبر: كيف تورث الأغنية حكمة الأيام؟!

فرانسوا توسكييز وثورة الطب النفسي
  • تخصصات

فرانسوا توسكييز وثورة الطب النفسي

ملفات تعريف الارتباط

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا وملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية حتى نتمكن من عرض هذا الموقع وفهم كيفية استخدامه بشكل أفضل ، بهدف تحسين الخدمات التي نقدمها. إذا واصلت التصفح ، فإننا نعتبر أنك قبلت ملفات تعريف الارتباط.