بالرغم من مساهمة المضاد الحيوي في رفع متوسط عمر الإنسان حوالي ٢٣ سنة فوق عمره قبل اكتشافه([1])، إلا أن الاكتشافات الجديدة في هذه الأنواع من الأدوية شبه متوقفة من خمسينيات القرن الماضي. وعلى هذا الأساس، بدأت أنواع جديدة من البكتيريا في التطور، متفوقةً على تركيبات الأدوية المتاحة بشكل مرعب. بالتالي، حدثت زيادة رهيبة في أعداد الوفيات بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، حتى لو كان جزء كبير من الأزمة يعود إلى الاستخدام العشوائي لهذه الأدوية([2]).
في تقرير قدمه خبير اقتصادي يدعى اللورد جيم أونيل، بتكليف من حكومة المملكة المتحدة، لبحث مسألة زيادة الوفيات بسبب مقاومة البكتيريا، قال أونيل أن بحلول ٢٠٥٠ سيموت حوالي ١٠ مليون شخص في السنة. وأوضح أن غياب المضاد الحيوي القادر على التغلب على الأنواع الجديدة من البكتيريا المقاومة له أسباب عدة، منها اقتصادية بحتة؛ إذ تفضل شركات الأدوية إنتاج أدوية الأمراض المزمنة لضمان مبيعات أعلى وأرباح أكبر، ومنها ما يتعلق بموافقات طرح الأدوية الجديدة في السوق والعقبات الإدارية والسياسية من هذا النوع([3]).
لكن الأهم، كان عجز فرق التطوير والبحث عن إيجاد مواد فعالة جديدة من أنواع البكتيريا الموجودة، سواء المقاومة أو المعروفة من عصر ما قبل المضاد الحيوي، بالرغم من أن البشرية لم تستخدم إلا حوالي ١٪ من أنواع البكتيريا في إنتاج مضادات حيوية. ببساطة، فبرغم وفرة البكتيريا غير المستخدمة التي من الممكن العمل عليها لإنتاج أدوية جديدة، إلا أن هذا الأمر يصاحبه عجز شبه تام بسبب تحور البكتيريا السريع جدًا، وأيضًا العجز عن النفاذ إلى شفرة تكوينها والاستفادة منها في تطوير أدوية جديدة. هذا ببساطة ومن دون تعقيد طبي([4]).
هناك احتمالان بناءً على هذه المعلومات؛ أنه صحيح بالفعل وسيكون من الضروري التوعية أكثر بتقليل استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي وبدون إشراف ورقابة طبية قوية، الثاني أنه غير صحيح بالكامل، وأن الحكومات تتنصل من مسؤوليتها عن حجم الوفيات مقدمًا، مما قد يصبح وسيلة لتقليل عدد السكان في العالم، على أن يكون النصيب الأكبر من الخسائر في الدول الفقيرة التي لن تستطيع شراء الأدوية الجديدة عندما يتفاقم الأمر مستقبلًا. وهو ما يذكرنا بما فعتله الصين والهند في مسألة تحديد النسل بوقت ما ومدى توحشها، والذي لن يكون غريبًا في حال تنفيذه هذه المرة بشكل جديد، لصالح الطبقات الأغنى والتي سيكون من مصلحتها المباشرة موت نص البشر.
من هنا، كانت مقاومة المضادات الحيوية تهديدًا كبيرًا وخطيرًا، ربما كان أكبر وأسوأ من عصر ما قبل المضاد الحيوي؛ وذلك لأن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية هو السبب الرئيس في ظهور البتكريا المقاومة، إذ تحفظ التركيب الكيميائي للدواء ومن ثم تستطيع تجاوزه إذا تم تناول جرعات الدواء بطريقة عشوائية وغير منضبطة([5]). وهو ما يدق ناقوس الخطر بالنظر لبعض الإحصاءات التي سنعرضها في هذا البحث. حول مبيعات بعض الأدوية، وأيضًا طرق عمل بعض الشركات، سوا في التصنيع أو الترويج لمنتجاتها حتى تصبح بهذه الضخامة. وأيضًا عن حال الجهاز المناعي والصحة العامة في بلد يتصدر قائمة مبيعاتها من الأدوية، واحد من أقوى المضادات الحيوية التي عرفتها البشرية، وصنف آخر مضاد للإكتئاب ويسبب الإدمان([6]). ببساطة، إذا كنا غير متأكدين من سؤال نسبة الكثافة السكانية التي يمكن أن يتحملها كوكب الأرض، فالكوكب نفسه له رأي مهم في هذا الموضوع. وبالتالي، من الممكن أن ينتقم لنفسه فعلًا لو استمر الوضع بالشكل الحالي ولم تحدث طفرة في عالم الأدوية تعيد ترتيب المسألة بما يسمح للإنسان أو جهاز مناعته مرة أخرى بالتفوق على هذه الأنواع من البكتيريا.
صحيح أن هناك شكاوى واضحة من نقص حاد في كثير من الأدوية، وبالأخص المضادات الحيوية، ولعل اضطراب الوضع بسبب غياب المضاد الحيوي وبحث الناس وخوفهم، والنظر البسيط لحالة الصحة العامة في المستشفيات وسؤال العاملين في الصيدليات، يشير بجلاء واضح إلى أن الخطر محدق بالفعل، لأن هذه الأعداد الكبيرة التي تبحث عن المضاد الحيوي في مصر تقول ببساطة أنها عرضة للموت، وأنها تخاف بالفعل.
وهناك أيضًا القرار الذي صدر عن وزارة الصحة ومجلس النواب([7]) بتقييد بيع الأدوية المضادة للبكتيريا المقاومة، وهو مثير للاهتمام، ليس لأن هذه الأدوية غير متوفرة بالسوق المصرية أصلًا، ولكن لأنها مرتفعة الثمن جدًا بحيث لن يستطيع شراءها الغالب الأعم من المصريين. كما أن القرار شمل هذه الفئة فقط من المضاد الحيوي، بتقييد بيعها دون وصفات طبية وبإشراف طبي حقيقي، أما البقية التي أوصلت الحال لهذه الدرجة لم يشملها القرار، ربما لأن من أصدر القرار يعلم أن الأدوية على وشك الاختفاء في مصر([8])! الأمر الذي يضع علامات تعجب واضحة على ما قال به رئيس هيئة الدواء المصرية.([9])
حتمًا وقعت أيها القارىء العزيز في هذا الفخ/ السؤال مسبقًا، حين ذهبت إلى طبيب فكتب بعض الأدوية قائلًا: "إياك والبديل!" ما يثير أسئلة عديدة حول سوق الأدوية: من هو الفاعل؟ وما قصة البدائل؟ ولماذا يوجد العديد من الإصدارات المختلفة للدواء نفسه من شركات متعددة؟ ثم، هل تعتبر شركات الأدوية أصلا بهذه الملائكية المتخيلة كما تفترض شاشات السينما أم أن الأمر يشبه بطريقة ما عصابات المافيا وتجار الموت البطيء؟!
تحاول شركات الأدوية تقديم كل التنازلات الممكنة، بدءًا من رحلات مدفوعة الأجر للأطباء والعاملين في المجال الصحي، وليس انتهاءً برشاوى جنسية أيضًا، طمعًا في الترويج لبعض الأدوية، سواء عبر التنبيه عليها والترويج لفائدتها المزعومة، أو بكتابتها مباشرةً لمرضاهم والعمل على انتشارها بأوسع نطاق وبيعها بأكبر كمية ممكنة، والحسابة بتحسب! سواء كانت هذه الأصناف الدوائية مبتكرة حديثًا، أو كما هو الحال في معظم الوقت، تكون بنفس تركيبة أصناف قديمة تنتجها شركات أخرى.
أكتب هنا من واقع خبرتي العملية، حيث عملت في صيدليات مختلفة بمناطق متفرقة لأكثر من خمسة عشر عامًا، مُستندًا أيضًا إلى شهادات العديد من الزملاء الصيادلة في مصر وخارجها، والكثير من العاملين في شركات أدوية عملاقة أو صغيرة للغاية (بير سلم). شركات تحترف العمل وتحاول على الدوام تحسين منظومتها الصناعية باستمرار، وأخرى تعتمد التدليس والكذب وتزييف الحقائق وسيلة لكسب الأموال، وبناء على ما تؤكده قضايا الفساد والرشوة التي نشرتها صحف عالمية، فضلًا عن التقارير الرسمية الصادرة عن هئية الغذاء والدواء ومنظمة الصحة العالمية.
يبدو الحديث عن البدائل الدوائية أمرًا مخيفًا، إذ يؤكد كثير من الأطباء على ضرورة الانتباه إلى هذا الأمر، نظرًا لما قد يسببه من مضاعفات خطيرة إذا استُخدِم بديلٌ عن الدواء الموصوف. لكن، إذا كان "البديل" لا يعني أكثر من وجود التركيبة الدوائية ذاتها تحت اسم تجاري آخر لشركة مختلفة، فلماذا يُثار كل هذا الجدل؟ المشكلة تتفاقم عند دخولك إلى صيدلية لتسمع أن "البديل فقط هو المتوفر"، حيث يصبح الأمر مريبًا، لا سيما إذا كان هناك دافع مالي خلف هذه الدعاية. وفي حال تلقي المقابل بشكل غير قانوني، فإنه يؤكد الشكوك أو يزيد من حدتها.
وهناك بالطبع مسألة تتعلق باللغة المستخدمة، فعادةً ما يطلق البعض لفظة "بديل" على صنف يماثل صنفًا آخر، فيما يطلق آخرون اللفظة نفسها على صنف يقوم فقط بالوظيفة الطبية نفسها وليس بالضرورة يساويه أو يماثله في الترطيب الدوائي.
وفقًا لوزارة الصحة المصرية، هناك أكثر من 23 ألف نوع دوائي مسجل رسميًا، تشمل أدوية مضادة للإلتهاب وأدوية مضادة للفيروسات، وأدوية لعلاج السرطان وأدوية مضادة للحساسية والإكتئاب والقلق وغيرها. لكن، هل هذه الأرقام دقيقة تمامًا؟ هناك أسباب تدفعنا للشك في ذلك: أولًا، لأنه يوميًا تضاف أصناف جديدة إلى السوق العالمي والمصري بطبيعة الحال، حيث تُسجل وتعتمد من قبل الوزارة. ثانيًا، هناك العديد من الأصناف غير المسجلة رسميًا لكنها تُتداول في الأسواق بطريقة غير قانونية، حتى لو بشكل غير رسمي أو غير معلن، لكنها متوفرة بطريقة ما في معظم الصيدليات (تحت مسمى شهير جدًا في عالم الأدوية، وهي أدوية سوق سودا وتشمل الأدوية المستوردة عن طريق غير رسمي (مهربة)، وبعض الأدوية محلية الصنع لكنها غير مرخصة أو تحوم حولها الشبهات، أو أدوية مسروقة من المستشفيات الحكومية وتباع خارجها بأضعاف سعرها. وكل هذا بخلاف "أدوية الحرق"، حيث يكون "المحترق" هنا هو السعر، صحيح أن هذا التداول غير المعلن يضع علامات استفهام ضخمة على دور الرقابة الدوائية وحماية المستهلك، لكن ما العمل إذا لم يرغب المستهلك بشيء سوى الفياجرا الصيني([10])؟ هو حر!
هناك تفصيلة لن يعرفها غير العاملين في سوق الدواء، خاصةً من يعملون في المناطق الشعبية والريفية، وهي أن العديد من الأطباء، بمختلف تخصصاتهم، يروّجون لأدوية بعينها بشكل مباشر. فبعد أن ينتهي الطبيب من الفحص وكتابة الوصفة الطبية، يطلب من المريض الذهاب إلى أقرب صيدلية –التي غالبًا ما تكون أسفل العيادة مباشرة- لشراء الأدوية والعودة إليه كي "يتأكد بنفسه" من أنها الأدوية المطلوبة. قد يبدو هذا التصرف في ظاهره نابعًا من حرص الطبيب على صحة المريض، وأحيانًا ما يحدث بالطبع، لكن الحقيقة التي يعرفها العاملون في الصيدلية مختلفة تمامًا.
في الواقع، يحتاج الطبيب إلى التأكد بنفسه من أن المريض اشترى الصنف المحدد، لأن هناك مقابلًا ماديًا غير معلن يحصل عليه الطبيب، إما من الصيدلية أو من شركة الأدوية نفسها، بشكل مباشر وأحيانًا فج. ورغم أن هذه الممارسات تحدث في جميع أنحاء العالم، حيث تروج بعض الأدوية إما بسبب نتائجها الطبية الأفضل أو المقابل المادي كما أشرنا، إلا أن العجيب هنا، خاصةً في المناطق العشوائية والريفية، هو أن العديد من هذه الأدوية غير مرخص أصلًا! بعض هذه الأدوية يُصنع تحت ظروف سيئة للغاية، ويُروَّج له في نطاق ضيق جدًا، في قرية أو مدينة صغيرة، دون أن يكون متاحًا بشكل واسع، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول صلاحيته، فضلًا عن شرعية تداوله. وسنعرف لاحقًا كيف يتم ذلك.
يقول (أ.ه) مساعد صيدلي أنه عمل في صيدليات مختلفة بين القاهرة والمحلة الكبرى: عادة هناك هذا النوع من التعاون الثلاثي بين الطبيب والصيدلي وشركات الأدوية، من أجل بيع أكبر كمية من أدوية بعينها، وعلى حساب المريض وصحته وماله دون أدنى مسؤولية تجاهه. يوافقه على ذلك العديد من العاملين في المجال الطبي. فمثلًا (ر.ف) مسئولة مبيعات بأحد الشركات الضخمة والشهيرة بالسوق المصري، تقول: أنها تعمد في أحيان كثيرة إلى هذا النوع من التحايل، رغبة في تحقيق التارجت وللحصول على راتبها الهزيل في آخر كل شهر. أما (ك.أ) صيدلي، يوافقهم تمامًا، وإن حاول (بشكل منفرد) القفز أحيانًا على هذا النظام السائد بالتأكد من فاعلية الأدوية التي يتم الترويج لها. وهو الأمر الذي يطرح سؤالًا آخر عن ماهية بعض شركات الأدوية، إذ تنتشر في الأماكن الشعبية كما أشرنا كثير من الأدوية مجهولة المصدر، أو تنتمي لشركات غير معروفة تمامًا، بل يبدو من تأمل المشهد أنها لا تسجل الأدوية التي تقوم بصناعتها وتوزيعها بوزارة الصحة وهيئة الدواء من البداية، حيث تعتمد الاستراتجية على الترويج لصنف بعينه في منطقة بعينها، في نطاق بلد ريفي صغير على سبيل المثال، لمدة من ثلاث إلى ستة أشهر، وفي خلال هذه المدة تكون بالفعل (بالاتفاق مع الأطباء) حققت نسبة أرباح عالية، ومن ثم ينتهي العمل بهذا الصنف وهذا الاسم التجاري، وبعد أيام يتكرر الأمر نفسه بالترويج لصنف دوائي آخر يحتوي ذات التركيبة الدوائية للصنف السابق، لكن مع اسم تجاري مختلف وشكل عبوة مختلفة كأنه صنف جديد تمامًا، وهكذا يتكرر الأمر على الدوام. الأكيد أنك لو حاولت السؤال أو البحث عن هذا الصنف خارج نطاق القرية التي يتم توزيعه بها، لن تجده إطلاقًا، كدليل آخر على تلاعب هذه الشركات الوهمية، ببساطة لأنها شركات "تحت السلم" بكل ما تعني الكلمة.
صحيح أنها قد تقوم باستصدار تراخيص تداول وبيع هذه الأدوية (وكثيرًا لا يحدث)، إلا أنه هناك تقصير واضح في شروط الأمان والسلامة وطريقة حفظ هذه الأدوية، بدرجة تجعل تمريرها خطأً فادحًا من الأجهزة الرقابية ومؤسسات سلامة الغذاء والدواء وحماية المستهلك، بل يدعو للشك، إذ تحتاج تراخيص الدواء عادة إلى مدة لا تقل عن خمس سنوات من الفحص والمراجعة والتأكد من سلامة وفاعلية الصنف المراد طرحه بالسوق، وفي حال وجود صنف جديد كل عدة أشهر سيكون الشك لا محالة في مكانه بالضبط، وتستطيع تخيل مقدار ما يمكن أن يحدث في الخفاء لاستصدار هذه التراخيص أو غض الطرف عن أدوية غير مرخصة بالمرة، سوق كبير يا عزيزي والمال هو سيد الموقف. ولا نحتاج التأكيد على أن هذه الأدوية تخلو بشكل شبه تام من أي فاعلية طبية، المسألة تتعلق ببيع أحلام الشفاء والتداوي للفقراء لا أكثر.
كما لا يعتبر ترويج هذه الأدوية نوعًا من العشوائية أو العبث، إذ تحكمه سياسات واضحة لهؤلاء الأفراد أو الكيانات الصغيرة أو الكبيرة في سوق الدواء، وهي الكسب فقط، سواء مكاسب ضخمة تحصل عليها الشركات وبعض العاملين بها وربما بعض العاملين بالأجهزة الرقابية، أو الأطباء الذين يأخذون على عاتقهم حمل ترويج وبيع هذه الأدوية بشكل مباشر أو غير مباشر مقابل رحلات سياحية وأجهزة إلكترونية باهظة الثمن بالإضافة إلى سهرات هنا وهناك، أو مؤتمرات خارجية مدفوعة الأجر وضروب شتى من المكاسب. صحيح أن هذا الأمر لا يمكن قياسه تقريبًا في بلد مثل مصر، لأن الأمور تدور في غرف مغلقة ومظلمة تمامًا، ولا دليل على هذا الأمر سوى ما يعرفه العاملين بالمجال الطبي، أو ربما لأنه أصبح متعارف عليه بدرجة كبيرة، فلم يعد يثير الاهتمام أو الخوف. وتستطيع أن تدرك لماذا يصر طبيب على المريض أن يشتري صنف بعينه، بينما هناك بدائل أو مثيلات طبية مناسبة وبأسعار أقل وربما بفاعلية أعلى، سوى أن هناك مصلحة مباشرة من وراء هذا الالحاح.
لا توجد أي إحصائيات تقول عدد البدائل لكل الأدوية على الأقل في مصر، لكن لنرى صنف واحد مثل (أجمنتين([11])) وهو صنف دوائي، مضاد حيوي قوي للغاية، ويستخدم لحالات عدوى وإلتهابات كثيرة. يحقق أجمنتين مبيعات خرافية في السنوات الأخيرة، ولأعوام متتالية كان الصنف الأعلى مبيعًا في مصر وبعض دول العالم الثالث، بما يخالف وضعه في البلد التي تنتجه (المملكة المتحدة)؛ حيث إن أعلى 20 صنف مبيعًا هناك عبارة عن أدوية لأمراض مزمنة مثل السكر والضغط وخالية تقريبًا من المضاد حيوي، إذ يجرم القانون صرفه إلا وفق رقابة صارمة، وتحت إشراف طبي كامل.
هو ما يضع علامات استفهام ثانية على أمانة الأطباء الذين يتساهلون في كتابة مضاد حيوي بجرعات عالية وهم يعرفون أو يفترض أنهم يعرفون خطورته على الصحة العامة والجهاز المناعي للمرضى، بالرغم من التحذيرات الضرورية لأي استعمال دوائي يتضمن مضاد حيوي، وهذا لخطورة الاستعمال العشوائي وأثره السلبي على الجهاز المناعي للإنسان وبالأخص الرضع والأطفال([12])، حسب تقارير وأبحاث طبية كثيرة للغاية. حيث إن البكتيريا المراد قتلها بالمضاد حيوي تصبح غير حساسة للمضاد حيوي نفسه، لأنها ببساطة تحتفظ بصورة من ترابطاته الكيميائية حتى تفوقت عليه والنتيجة أنها تقاومه بشراسة([13]). حتى أن بعض الإحصاءات تقول بأن عدد الوفيات بسبب الإفراط في تناول مضادات حيوية أو استعمالها الخاطىء أكبر بشكل مرعب من عدد الوفيات بأمراض وبائية فتاكة مثل الملاريا وأمراض خطيرة مثل الإيدز وغيرها([14]). هذا غير أنه يشير إلى الطريقة التي تدير بها الشركة المنتجة عملية التسويق والترويج لهذا الصنف وغيره بالتأكيد. الحقيقة أننا نستطيع فهم أن الهدف هنا هو المكسب المادي فقط وعلى الدوام، حتى لو أن هذا الأمر سيكلف البشرية أرواحًا كثيرة مهددة فعلًا بالموت، عرايا تمامًا مقابل عدوى بكتيرية تافهة رغم كل التقدم الذي أحرزته البشرية في مجال الطب والأدوية، لكن هذا التقدم كان أساسه الطمع والرغبة في الكسب غير المحدود وبعض الرحمة والشفقة تجاه المرضى.
يحقق أجمنتين أعلى مبيعات برغم كل المخاوف، مثلًا في سنة 2016 وصلت مبيعات أكبر 20 منتج لحوالي 5.5 مليار جنيه وكان أجمنتين متصدر القائمة ويليه مباشرة كاتافلام الذي يعمل على تسكين الآلام. 2017 كانت مبيعات أكبر20 منتج حوالي 6.5 مليار وفي المقدمة أجمنتين. و2018 كانت المبيعات فوق 8 مليار جنيه ويحصل أجمنتين على الأعلى مبيعًا، و2019 الأمر ذاته، إلا أنه تراجع للمركز الثاني بإجمالي مبيعات 681 مليون جنيه عام 2020 ليصعد هايبيوتك (مضاد حيوي) لأول مرة في المركز الأول بإجمالي مبيعات 756 مليون جنيه، والأخير بديل مماثل تمامًا لأجمنتين([15]) إلا أنه أقل من حيث الثمن، ويبدو بالتأمل أن لكل نوع من هذه الأصناف الأعلى مبيعًا دلالة واضحة يمكن أن نقرأ بها ما يحدث أو حدث فعلًا للمجتمع، من رغبة في تسكين الآلام أو التعامي عنها، أو حتى معالجة كافة الأمور بشكل خاطىء تمامًا.
أما في شهر مايو عام 2022 حدث أمر مختلف، حيث تصدر قائمة المبيعات صنف باسم (كونفنتين) وتنتجه شركة أدوية مصرية اسمها إيفا فارما ويستخدم لآلام الأعصاب ومضاد للإكتئاب بحجم مبيعات 87 مليون جنيه. كما قلنا أن لهذا الأمر دلالة هامة، ويبدو أنه على علاقة جذرية بزيادة معدلات التحرش والعنف والحوادث التي تسببها السرعات الجنونية على الطرق، ببساطة لأن بعض السائقين يقعون معظم الوقت تحت تخدير هذا العقار أو أحد بدائله، وهو ليس موضوعنا هنا على كل حال. قد نعود إليه في موضوع منفصل. أما في العام نفسه فقد كانت مبيعات أجمنتين حوالي 76 مليون جنيه خلال نفس الشهر، أقصد شهر مايو وليس العام بالكامل، وفي السوق المصري فقط، وهذا حسب إحصائية منشورة بجريدة (سوق الدواء)([16]).
واحدة من أهم آليات صرف الدواء عمومًا، كانت ضرورة عرض بدائل أرخص من تلك التي وصفها الطبيب المعالج للمريض. والبديل، هو دواء بنفس التركيب الدوائي ونفس التركيزات والفاعلية، لكنه مختلف من حيث السعر والشركة المنتجة. قد يختلف في "مواد السواغ" وهي المواد غير الفعالة التي تعطي للدواء لون أو شكل أو طعم مختلف، لكنها غير مؤثرة في فاعلية الدواء بأي حال من الأحوال. من هنا يكون التأثير العلاجي واحد على الأعراض والمرض.
والحقيقة أن هذا الأمر يأخذنا إلى تساؤل أبعد قليلًا، وهو لماذا توجد بدائل كثيرة ومتعددة بهذا الشكل؟! لماذا لم يكن كافيًا بديلًا أو اثنين على الأكثر؟! لكن لعل هذا الأمر يستند إلى أسباب رئيسة من ضمنها أن خروج صنف جديد بتركيبة جديدة إلى السوق لا يحدث في يوم وليلة، لكنه يأخد وقتًا طويلًا للغاية([17])، من اللحظة التي يكون فيها الدواء مجرد فكرة أو عجز معين أمام مرض أو وباء جديد مثل ما حدث مع COVID 19، فقد أخذت الشركات وقتًا طويلًا حتى ابتكروا مصل مناسب لتحجيم الوباء بشكل نسبي، ليس نهائي طبعًا، وهذا بالرغم من حاجة البشر وقتها للعلاج بأسرع ما يمكن، وهذا لا يحدث. حتى أن الوقت الذي يأخده الدواء بعدما يكون جاهزًا للتجريب يكون عادة من 5 إلى 8 أو 10 سنوات أو أكثر، حتى يمكن طرحه في السوق. مرورًا بمراحل تجريب ومراجعة متعددة وحتى لحظة التسويق للمنتج وبداية طرحه في الصيدليات والمستشفيات. (بالطبع لا يحدث هذا الأمر على الدوام، هناك موافقات يتم استصدارها بشكل أسرع مما يجب وسنضرب أمثلة على هذا الأمر بعد حين) ولعل هذا الأمر ليس مغريًا من الأصل، إذ ربما تفشل التجارب بعد مجهودات ونفقات كبيرة وتعب سنوات. لذلك كان الأيسر والأسرع هو غزو السوق بصنف مجرب سابقًا وقتل بحثًا ومراجعة، يتم تسويقه بشكل جيد، نغري العاملين بالتارجت والعمولة، نبيع كميات ضخمة، معادلة مضمونة بنسبة مئة بالمئة! أما البحث والتطوير، يحتاج أكثر من الجشع.
كما أن إنتاج البدائل يحدث في الشركات الصغيرة؛ لأن ميزانيتها لا تسمح بالإنفاق على الأبحاث والتجريب وغيره، لكنها تفضل أن تدفع مقابل مادي (إتاوة) للشركات الكبيرة صاحبة براءة الاختراع الأولى للصنف الدوائي التي تقرر صناعته أو تحصل عليه بالوكالة، وعليه تأخذ بعض الإجراءات وتطرحه بالسوق في وقت أقل مقارنة بالشركة التي ابتكرت الدواء، ولأنه هناك شركات عملاقة مثل (فايزر، ونوفارتيس، وجلاكسو سميث كلاين، وغيرهم) لديها فرق بحثية متطورة للغاية، وقدرة مادية هائلة تمكنها من الاستمرار في السوق بجانب عمليات التطوير والبحث. نرى بجلاء هذا الأمر أثناء عملية البحث عن عقار مقاوم لفيروس كرورنا، ومثال واضح أيضًا على حجم الفساد الذي يبدو أنه يطال الشركات الكبيرة والصغيرة في هذا المجال، مثلما حدث عند رفع دعاوى قضائية ضد شركة استرزينكا بشأن مضاعفات خطيرة تسبب فيها عقارها المقاوم لفيروس كورونا، ويبدو أن الشركة كانت على علم بوجود هذه المضاعفات لكنها لم تشأ أن تفوت على نفسها هذه الأعداد الضخمة من المبيعات والمكاسب الخرافية بالفعل.
بالطبع لا نحتاج أن نوضح لماذا يوجد لدواء أجمنتين تقريبًا أكثر من 15 بديل بنفس التركيب الدوائي والتركيزات ونفس الفاعلية، بل إنهم جميعًا أقل في الفئة السعرية من أجمنتين. لكن يظل سؤال لماذا يحقق أجمنتين تحديدًا هذا الحجم من المبيعات وعلى مدار سنوات طويلة، يبدو الأمر محير ومثير للريبة بالفعل.
الحقيقة أن شركات الأدوية لم يكن هدفها دائمًا مساعدة الإنسان وتحسين صحته، ولم تكن شركات تحكمها المشاعر والعواطف الإنسانية كما يمكن أن يُتصور. وعلى النقيض فهي شركات هدفها الأرباح والمكاسب، وببساطة هو الرأسمال يعرف كيف ينجح ويبتكر حلولًا تمكنه من رقاب الجميع، بل إنه أحيانًا يبتكر أزمات وحلولها من أجل المكاسب كذلك، أو يخلق نوع من الحاجة لبعض المنتجات ليس لها قيمة أصلا، من أجل البيع أكثر، بينما يبيع وهم السعادة والتفوق والرفاه للإنسان المعاصر، لكنه ليس موضوعنا الآن.
هي شركة أدوية بريطانية عالمية متعددة الجنسيات، تُعرف اختصارا GSK، تعمل بتطوير الأبحاث في علوم الأحياء البيولوجية وإنتاج اللقاحات والأدوية الصحية الاستهلاكية وغيرها. مقرها في مدينة لندن بالمملكة المتحدة. تعتبر هذه الشركة رابع أكبر شركة أدوية استهلاكية في العالم حسب إحصاءعام 2009. وتأتي مبيعاتها من الأدوية والوصفات الطبية بعد شركات عملاقة أخرى مثل (فايزر، ونوفارتيس، وسانوفي).
إلا أنه قبل هذا التاريخ بتسع سنوات تحديدًا، لم يكن هناك شركة اسمها جلاكسو سميث كلاين، لكن حدث سنة 2000م، عن طريق اندماج شركتين هما: جلاكسو ويلكوم وسميث كلاين بيتشام. ومن تلك اللحظة تبدأ الشركة تحت الاسم الجديد تحقيق نجاح مبهر بالفعل، إلا إنه نجاح سريع ومريب نوعًا ما.
في عام 2019، وفقا لمجلة فوربس، تم تصنيف شركة جلاكسو سميث كلاين كسادس أكبر شركة أدوية في العالم، بعد فايزر ونوفارتس وروش وسانوفي وميرك آند كو. بالإضافة أنها صنفت بالمرتبة 296 في قائمة فورتشين 500 لشركات البرمجيات والمعلوماتية، وفي المرتبة العاشرة من حيث شركات الأدوية لتأتي بعد شركات مثل موارد الصين وجونسون آند جونسون وروش وسينوفارم وفايزر ونوفارتس وباير وميرك وسانوفي. كما أن لديها قائمة رئيسة في بورصة لندن وهي جزء من مؤشر فوتسي 100. أما من أغسطس عام 2016، فكانت قيمتها السوقية 81 مليار جنيه إسترليني، أي حوالي 107 مليار دولار أمريكي، وهي رابع أكبر شركة في بورصة لندن ولديها قائمة ثانوية في بورصة نيويورك.
كما أعلنت شركة جلاكسو سميث كلاين في مارس2018 إنها توصلت لاتفاق مع شركة نوفارتس للاستحواذ على حصتها البالغة 36.5٪ في مشروع الرعاية الصحية الاستهلاكية المشترك بينهم، مقابل 13 مليار دولار أمريكي. وفي ديسمبر من العام نفسه، أعلنت إنها توصلت لاتفاق مع شركة فايزر لدمج أقسام الرعاية الصحية للمستهلكين في كيان واحد. ولما كانت مبيعات الكيان المشترك حوالي 12 مليار دولار، كانت شركة جلاكسو سميث كلاين تحتفظ بالحصة المسيطرة بنسبة 68 ٪ في المشروع. من هنا تمتلك شركة فايزر النسبة المتبقية وهي 32٪. وتعتمد هذه الصفقة على صفقة سابقة لعام 2018 حيث اشترت شركة جلاكسو سميث كلاين حصة شركة نوفارتس في المشروع المشترك بينهم للرعاية الصحية للمستهلكين.
يبدو أن المسألة كبيرة إلى حد ما، حيث ينتج قسم الرعاية الصحية للمستهلكين من شركة جلاكسو سميث كلاين التي حصلت عليه مقابل 5.2 مليار جنيه استرليني في عام 2013، خدمات الرعاية الصحية التي تؤخذ عن طريق الفم مثل معاجين أسنان أكوا فريش وماكلين وسنسوداين ومشروبات للرضع وغيرها. بالإضافة إلى أن الشركة امتلكت لبعض الوقت علامات تجارية قوية ومهمة مثل لوكوزاد وريبينا للمشروبات الغازية، لكنها قامت ببيعهم عام 2013 إلى شركة سنتوري مقابل 1.35 مليار جنيه إسترليني. وتشمل بعض منتجاتها الأخرى على عقار نيكوديرم ونيكوريت بدايل النيكوتين. هذه بعض التفاصيل عن الشركة، والهدف هنا هو رؤية حجم الشركة التي نتحدث عنها وليس محاولة التأريخ لها، لأنها معلومات متاحة على كل حال. بالإضافة أن الشركة لها اسهامات مهمة في السوق الدوائي: مثل تطوير أول لقاح للملاريا (أر تي إس) سنة 2014. تطوير وإنتاج كثير من المنتجات المدرجة في قائمة الأدوية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية، مثل أموكسيسيلين وميركابتوبورين وبيريميثامين وزيدوفودين. وفي عام 2020، طورت شركة جلاكسو سميث كلاين وشركة سانوفي لقاح لفيروس كورونا، حتى أنه في شهر يوليو من نفس العام وقعت حكومة المملكة المتحدة بالموافقة على إنتاج 60 مليون جرعة من اللقاح. يستخدم اللقاح تقنية قائمة على البروتين المؤتلف من شركة سانوفي وتكنولوجيا الوباء من شركة جلاكسو سميث كلاين. قالت الشركتين أنهما قادرتين على إنتاج مليار جرعة خاضعة للتجارب الناجحة والموافقة التنظيمية خلال النصف الأول من عام 2021. غير أنها وافقت على صفقة بقيمة 2.1 مليار دولار مع الولايات المتحدة لإنتاج 100 مليون جرعة من اللقاح. وغيرها من الأبحاث وعمليات التطوير لأدوية مهمة.
وبالرغم أن النظر للوهلة الأولى لهذا التاريخ، قد يجده تاريخًا طيبًا؛ إذ تساهم الشركة في محاربة المرض ومساعدة الإنسان ليصبح أفضل ويعيش وقتًا أطول، إلا أن هناك شكوكًا تحوم حولها، بالأحرى فإن ما فات يثير الشكوك بدايةً.
في عام 1999 تمت الموافقة على إنتاج شركة GSK لدواء خاص بمرض السكري اسمه العلمي rosiglitazone ويعرف تجاريًا باسم Avandia، قالت الشركة أنه يساهم بشكل فعال في تحسين حالات مرضى السكري (أو السكر مثلما هو شائع عند المصريين)، كما أنه آمن بل ويمنح بعض الفوائد لمرضى القلب والأوعية الدموية. وبحلول ديسمبر عام 2006، أصبح روزيغليتازون أكثر الأدوية مبيعًا لمرض السكري، بمبيعات سنوية بلغت 3.3 مليار دولار أمريكي.
لكن في العام نفسه، ظهر رجل اسمه "جون بوس" أخصائي مرض السكري، في عدد من المؤتمرات الطبية ليقول أن )روزيغليتازون( من الممكن أن يحمل مخاطر متزايدة تسبب مشاكل في القلب والأوعية الدموية. إلا أن الشركة هددت جون بوس، وقامت بعمل مقايضة تبتزه من خلالها، عن طريق الإتصال برئيس القسم بجامعته؛ حيث أقنعه بالتوقيع على طلب التراجع. أثار هذا الأمر أسئلة داخلية بالشركة نفسها حول سلامة الدواء عام 2000.([18]) وفي نفس العام، كتبت الشركة مقال عن الدورة الدموية يصف تجربة إكلينيكية ممولة، والتي أشارت إلى أن روزيغليتازون له تأثير مفيد على مخاطر القلب والأوعية الدموية!
سنة 2005 و2006، أجرت شركة جلاكسو سميث كلاين تحليلين متتاليين، ظهر فيهم زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بسبب استخدام (روزيغليتازون)([19]). وصلت معلومات هذه التحاليل إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وقد نشرتها على موقع الشركة، إلا أنه لم يتم نشرها بأي طريقة أخرى. وفي يونيو عام 2007، نشرت مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين تحليلات تربط بين العقار وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية. إلا أن الشركة حاولت إقناع "إستيفن نيسن" وهو أحد المؤلفين بعدم نشره، وقد حدث فعلًا بعد تلقي نسخة مسبقة من أحد أهم المراجعين للمجلة، وهو مستشار شركة جلاكسو سميث كلاين شخصيًا!([20])
في يوليو عام 2007، قال واحد من علماء إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن عقار روزيغليتازون تسبب في 83,000 حالة نوبة قلبية زائدة بين عامي 1999 و2007. وعليه فرضت إدارة الغذاء والدواء قيودًا على هذا الدواء وأضافت تحذير شديد اللهجة!([21])
أما عام 2010، فقد نشرت نتائج تجربة ريكورد الخاصة بشركة جلاكسو سميث كلاين، وأكدت وجود ارتباط بين عقار روزيغليتازون وزيادة خطر الإصابة بفشل القلب وقصور الدورة الدموية، لكن ليس هناك علاقة بالنوبات القلبية. وانتهى التقرير إلى أن عقار روزيغليتازون لا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو الوفيات، هذا مقارنة ببعض الأدوية المعيارية الأخرى التي تعمل على خفض الجلوكوز([22]). أما في عام 2013، فقد تراجعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بل ونفت أن العقار تسبب في نوبات قلبية زائدة! بيد أن تحقيقًا أجرته اللجنة المالية في مجلس الشيوخ في عام 2010 انتهى إلى أن شركة جلاكسو سميث كلاين سعت إلى ترهيب العلماء ممن لديهم مخاوف تتعلق بعقار روزيغليتازون. وفي فبراير من نفس العام، حاولت الشركة وقف نشر افتتاحية حول الجدل عن عقار روزيغليتازون في مجلة القلب الأوروبية. في نوفمبر من نفس العام، رفعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية القيود التي فرضتها على الدواء.([23]) كما تمت إزالة التحذير عن النوبة القلبية. لكن ظل التحذير من قصور القلب ساري المفعول.
والحقيقة أن التراجع حدث بعد عام واحد من فرض عقوبات وغرامات ضخمة على الشركة، وقد حققت أرباح مهولة جراء مبيعات هذا الدواء. فقد تضمنت تسوية عام 2012 غرامة جنائية تقدر بـ 3 مليار دولار أمريكي. لعدم إبلاغ إدارة الغذاء والدواء ببيانات السلامة حول عقار روزيغليتازون. وتسوية مدنية تقدر بحوالي 700 مليون دولار لتقديمها إدعاءات كاذبة، كما قالت وزارة العدل أن شركة جلاكسو سميث كلاين قامت بإعطاء معلومات مضللة للأطباء حول عقار روزيغليتازون، منها أنه يمنح فوائد للقلب والأوعية الدموية على الرغم من تحذير الملصق الخاص بإدارة الغذاء والدواء بشأن مخاطر القلب والأوعية الدموية([24])! بالطبع تأتي هذه الغرامات بخصوص عقار مرض السكري مع أدوية أخرى تروّج بما يخالف القانون، أو أدوية لا تخالف القانون لكنها تدفع رشاوى للأطباء من أجل توجيه المرضى لاستعمالها بما يخالف تشخيصاتهم الطبية أحيانًا، وما يحتاجون إليه بالفعل، ما يضمن ارتفاع المبيعات وتضخم أرباح الشركة. قد تكون الحوادث من هذا النوع عادية للغاية، بالأخص وأن الشركة وبغض النظر عن الملابسات التي تحكمت في سير الأمور والتي غالبًا ما يتم التكتم عليها، إلا أن الشركة دفعت الغرامات بالفعل والتزمت بقضاء العقوبة نوعًا ما، أو هذا ما أُعلن، بيد أن الغريب هو تكرار هذه الخطوات في الترويج لأدوية كثيرة أخرى بما يخالف القانون يعد مثيرًا للريبة، ليس حول أضرار هذه الأصناف فحسب، بل حول رابطة الفساد والسطوة التي تحكم الشركة بالكامل.
وهو دواء مضاد للإكتئاب، روجت له شركة جلاكسو سميث كلاين بداية من عام 1998 على إنه آمن للمرضى أقل من 18 عام، بالإضافة أنه لا يسبب الإدمان، لدرجة أنه في عام 2003، حقق عقار باروكسيتين مبيعات عالمية تقريبًا 5 مليار دولار أمريكي. وبالطبع اتضح أن هذه المبيعات تتعلق بشكل مباشر بما دفعته الشركة من رشاوى للأطباء عبارة رحلات مدفوعة التكاليف، وإقامات في فنادق ومنتجعات فخمة ([25]) في مقابل الترويج للعقار. والحقيقة أن واقع هذا النوع من الدواء يختلف عما روجت له الشركة، إذ التوقف عنه يسبب أعراض إنسحاب مثل إدمان أي من المواد المخدرة، فضلًا عن عدم أمانه التام بالنسبة للأطفال والمراهقين أقل من 18 عام، بل إنه يستخدم في المرضى البالغين بحرص شديد وبإشراف طبي صارم. وقد حدث هذا الأمر على الرغم من عدم موافقة إدارة الغذاء والدواء على تناول العقار لهذه الأعمار من البداية.
والنتيجة أن شركة جلاكسو سميث كلاين دفعت غرامة تقدر بحوالي 3 مليار دولار بسبب الترويج له، بالإضافة إلى مخالفات أخرى.([26]) في الوقت الذي أجرت فيه الشركة تسع تجارب سريرية بين عامي 1994 و2002، ولم تُظهر أي منها أن عقار باروكسيتين يساعد الأطفال المصابين بالإكتئاب. من عام 2004، وقد تضمنت تسمية باروكسيتين تحذير صادر عن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأنه قد يزيد من خطر التفكير والسلوك الانتحاري لدى المرضى الأقل من 18 عام. وقد وجدت وثيقة داخلية لشركة سميث كلاين بيتشام في عام 1998، حول حجب دراسة بعض البيانات عن شركة جلاكسو سميث كلاين، ولأنه كتب في هذه الوثيقة أنه من غير المقبول تجاريًا تضمين بيان يدل على عدم فاعلية العقار مع المراهقين، لأن هذا بدوره سيضر بسمعة العقار والشركة عمومًا.
الحكاية لا تزال مستمرة، عام 2001 نشرت شركة جلاكسو سميث كلاين مقال في مجلة الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، أن الشركة أخطأت في الإبلاغ عن إحدى تجاربها السريرية وهي دراسة رقم 329. لكن انتهى المقال للغرابة بأن عقار باروكسيتين جيد التحمل بشكل عام وفعال للاكتئاب الشديد لدى المراهقين.([27]) وعليه، فقد استمرت شركة جلاكسو سميث كلاين بالتسويق لعقار باروكسيتين لمدة 10 سنوات على أنه لا يسبب الإدمان. أو هو ما قالته الطبيبة "مارسيا آنغيل"([28]) في مقال لها. كما يؤكد هذا الرأي أنه في عام 2001، رفع 35 مريض دعوى جماعية أنهم عانوا من أعراض الانسحاب، وفي عام 2002 أصدرت محكمة في لوس أنجلوس حكم قضائي يمنع شركة جلاكسو سميث كلاين من الإعلان عن العقار على أنه لا يسبب الإدمان. غير أن المحكمة لسبب مجهول سحبت هذا الأمر بعد اعتراض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أن المحكمة ليس لها اختصاص بعملية تسويق الأدوية اللي وافقت عليها الإدارة.([29])
فعلت الشركة الأمر نفسه مع أكثر من دواء آخر ولكن بتفاصيل مختلفة وأرقام غرامات ورشاوى مختلفة طبعًا. منها عقار بوبروبيون الذي قيل عنه كلام خادع وسحري ومبهر، مثل أنه يساعد على الإقلاع عن التدخين، وإنقاص الوزن، ويعالج نقص الإنتباه لمرضى فرط النشاط ويعالج الضعف الجنسي! بالرغم من أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA صرحت أنه يعالج فقط الاكتئاب!
من هنا، ففي يوليو 2012 أقرت شركة جلاكسو سميث كلاين بأنها مذنبة في إتهامات جنائية في الولايات المتحدة لترويجها بعض الأدوية غير المعتمدة للاستخدام، والفشل في الإبلاغ عن بيانات السلامة، وتقديم رشاوى لأطباء في الولايات المتحدة، ووافقت على دفع 3 مليارات دولار كغرامات كما أشرنا سابقًا، بما في فيها غرامة جنائية بقيمة مليار دولار في أكبر قضية احتيال بمجال الرعاية الصحية حتى الآن في بريطانيا. مع تشكيلة أخرى من التهم الموجهة إلى الشركة حول قيامها بتسويق بعض الأدوية المضادة للاكتئاب مثل بارواكسيتين وبوبروبيون بدون اعتماد رسمي وعدم قيام الشركة بتقديم بيانات ضمان السلامة حول دواء مرض السكري كما أشرنا سابقًا. مع أنواع أخرى من الأدوية([30]). كما يبدو أن ترويج الأدوية كان كبيرًا لدرجة أسهمت بشكل مباشر ليكون الحديث عن الإكتئاب والإضطراب ثنائي القطب محتوى يدور على ألسنة الأطفال في بعض أفلام السينما مثل فيلم(the intern )ففي أكثر من مشهد تصف طفلة زميلاتها بأنهن مرضى (ثنائي القطب)! بشكل لافت وبدرجة تجعل من ملاحظة الآباء والأمهات لأي تغير في أفعال وتصرفات الأبناء أن يضعوا احتمال المرض النفسي بقوة، والنتيجة أن الدواء يباع بأعداد ضخمة، كما أن تشخيص الأطفال باضطراب ثنائي القطب كان عشوائيًا بشكل مخيف وبأعداد كبيرة كما أشارت الطبيبة (مارسيا آنغيل) في مقالها.
لم تنتهي المهزلة، وهي ليست مهزلة بقدر ما هي طريقة فجة لشكل العمل الرأسمالي، الذي يبحث فقط عن المكسب مرة بعد الأخرى، بغض النظر تمامًا عن الوسيلة إذا كانت مشروعة أو غير مشروعة، وبغض النظر حتى عن عدد الضحايا! فمثلًا عام 2013، أعلنت السلطات الصينية أنه منذ عام 2007، قامت شركة جلاكسو سميث كلاين بتحويل 3.8 مليار دولار إلى الأطباء والمستشفيات وغيرهم ممن وصفوا أدويتهم للاستخدام في أكثر من 700 وكالة سفر وشركة استشارية في هونج كونج. اعتقلت السلطات الصينية أربعة مديرين تنفيذيين في شركة جلاكسو سميث كلاين كجزء من تحقيق استمر أربعة أشهر في مزاعم أن الأطباء تلقوا رشاوى بالمال والخدمات الجنسية ([31]). وفي عام 2014، قضت محكمة صينية بإن الشركة مذنبة بتقديم الرشوة وفرضت غرامة تقدر بـ 500 مليون دولار أمريكي على GSK. أما مارك رايلي، الرئيس البريطاني لعمليات شركة جلاكسو سميث كلاين الصينية، فقد قضت المحكمة عليه بـ 3 سنين سجن مع وقف التنفيذ بعد محاكمة سرية استمرت ليوم واحد! وبحسب بعض المعلومات، فقد تم ترحيل رايلي من الصين وفصله من الشركة([32]).
في مايو عام 2004، قدمت الشرطة الإيطالية اتهامات بالرشوة ضد 4400 طبيب و273 موظف يعملون في شركة جلاكسو سميث كلاين. وقد اتهمت في خلالها الشركة بإنفاق 152 مليون جنيه إسترليني على الأطباء والصيادلة وغيرهم، ومنحهم كاميرات وأجهزة كمبيوتر وإجازات مدفوعة الأجر غير المال العيني طبعًا. لدرجة أنه كثير من الأطباء الذين تلقوا هذه الأموال؛ قالوا أنها كانت بناء على عدد المرضى الذين تلقوا العلاج بدواء السرطان الذي تنتجه الشركة، وقد ساهموا في رواجه وبيعه بأكبر درجة ممكنة([33]). ربما يتساءل القارىء الآن عن علاقة هذه الأمور ببعضها البعض، وما علاقته بالحديث في البداية عن السوق المحلي وأرقام بعض المبيعات؟ ثم ما هي العلاقة التي تربط الحديث عن دواء "أوجمنتين" بما يليه؟ بعد قليل ستتضح العلاقة.
فمثلًا حتى عام 2000، كانت مبيعات دواء أجمنتين في السوق العالمي والسوق المصري، متواضعة للغاية. إلا أنها لم تلبث أن تزايدت المبيعات بشكل لافت ومحير في وقت قياسي، وهو ما يجلعنا نسأل عن الشركة صاحبة الحظ العالي التي تنتجه، وهي شركة سميث كلاين بيتشام. ثم بعد اندماجها مع شركة جلاكسو ويلكوم، أصبح ضمن منتجات جلاكسو سميث كلاين. من هنا أصبحت الأخيرة هي المسؤولة عن انتاج وتسويق وترويج دواء أجمنتين.
تستطيع أن تفهم الآن ما السبب وراء ارتفاع معدلات بيعه وما سر هذه الطفرة المدهشة؟ ولماذا لم تحدث مع بدائل أخرى لنفس الدواء؟ صحيح أن الشركة تملك مؤسسة تسويقية ضخمة وفروع في كل أنحاء العالم، إلا أن هذا النظام يتخلله تصورات لا تتحرج عن فعل أي شيء في مقابل زيادة المبيعات، حتى ولو كانت بحجم تدريب موظفيه على تقديم رشاوى جنسية للأطباء والصيادلة بهدف ترويج منتجاتهم، وتحقيق أقصى نسبة مبيعات، وعليه تحقيق أكبر نسبة الأرباح.
وببساطة، فإننا جميعًا عرضة للإستغلال من مؤسسات ضخمة وريع مكاسب مهول بهذا الشكل، وكما حدث مع دواء باروكستين، يحدث الآن مع أجمنتين وغيره، الفرق هنا أننا لم نطرح أي مساءلة قانونية لهذه الشركة أو غيرها، كما أن المهازل في سوق الدواء أصبحت أعقد وأصعب من ما تفعله جلاكسو سميث كلاين بمراحل متعددة وربما صعبة التجاوز. ولا بأس؛ فإن هذه الأدوية لا تزال تباع في الصيدليات المصرية ويصرف المضاد حيوي خطير على الصحة العامة للإنسان والجهاز المناعي بمنتهى البساطة، على الأقل في مصر لو لم يكن في كل الدول المتخلفة طبعًا والتي لا تملك أجهزتها الرقابية أي دوافع لممارسة دورها الحقيقي.
تتعدد هذه القصص بشكل لافت للغاية وربما لا تنتهي، سواء منها ما يخص شركة جلاكسو أو غيرها، والهدف هنا ليس التفاصيل بحد ذاتها، وليس هذه الشركة تحديدًا، وإن كان في الأمر ما يجب كشفه ومحاسبة الشركة بالفعل. لكنها في النهاية مجرد مثال، ولأن تفاصيل سوق الدواء أكبر من إحصاءها في مقال. ببساطة لأن عمل شركات الأدوية متشعب وربما معقد بحيث لا يسمح لمراجعته من خارجه إلا بقدر قليل، لكن الأهم هو محاولة الإقتراب قدر الإمكان، مع التنبيه كي نفهم جيدًا ما هي المعايير التي يمكن أن تتحكم في سير العملية الدوائية بالكامل، من التجريب للتصنيع والتسويق وغيرها، وانتهاء في يد المستهلك/ المريض غالبًا وليس مجرد رقم في عداد الأرباح الذي لا يشبع أبدًا. وبالطبع لا يمكن أن نعمم هذا الحديث عن كل الشركات دون بينة، ولا باعتماد مبدأ القياس فقط، وإنما ألا يبدو غريبًا أن يوجه الطبيب لأدوية بعينها دون البقية حتى لو أكثر فاعلية؟ ومن يعمل في السوق الدوائي يدرك تمامًا أن الطبيب غالبًا يكون قد حصّل الثمن مقدمًا، والمريض مجرد رقم، للشركة ومندوب المبيعات، رقم قابل للترجمة إلى مبيعات وتارجت وعمولة، ورحلة وسهرة وعشاء فاخر في مكان لامع، والثمن هو نحن، صحتنا وأموالنا وربما الأفكار والأحلام كذلك، وما خفي كان أعظم بكل تأكيد وحسرة.
سوق كبير وعالم من المافيا لا يقل خطرًا أو هيمنة عن تجارة السلاح، بل إن شركات أدوية كثيرة مساهمة بشكل أو بآخر في حصص تداول السلاح والتجارة غير المشروعة على مستوى العالم، لكنه ليس موضوعنا الآن. وكما يحاول (بن جولديكر) الشرح والتفنيد في كتابه الذي صدر بالإنجليزية لأول مرة عام 2012، وتُرجم إلى العربية تحت عنوان "شرور شركات الأدوية" 2017م.([34]) وللعنوان دلالة مهمة كما ترى. يخبرنا هذا الكتاب أن تصوراتنا خاطئة حين نفكر أن انتاج الدواء مبني على أدلة ونتائج اختبارات سليمة، لكن في واقع الأمر، هذه الاختبارات غالبًا ما تكون اختبارات معيبة بدرجة كبيرة. وخاطئين إذ نتصور أن الأطباء على علم بتفاصيل هذه الاختبارات، لكن الحقيقة أن كثيرًا منها تخفيه -عن عمد- شركات الأدوية. وخاطئين إذ نتصور أن الأطباء حصلوا على مستوى جيد من التعليم، لكن الحقيقة أن جانب كبير من هذا التعليم تموله وترعى فيه مصالحها شركات الأدوية نفسها. وخاطئين إذ نتصور أن مراقبي الأدوية الحكوميين لن يمرروا للسوق دواء إلا الأدوية الفعالة، لكن الحقيقة أنهم يصدرون موافقات رسمية على أدوية ليس لها أي فائدة، فضلًا عن الأخطار المحتملة، فضلًا عن أنها تحجب تمامًا البيانات المتعلقة بالآثار الجانبية والسلامة لهذه الأدوية بشكل غير رسمي، من دون أدنى درجة من الشرف! شرف؟! أنا آسف!
الحقيقة أن التسويق الخداعي وإغراءاته مؤثر وفعال بشكل سحري للغاية، بل أن هذه الشركات في واقع الأمر تنفق على التسويق والدعاية، ربما أكثر بما لا يقارن بما تنفقه على الأبحاث والتطوير، ولعل هذا الأمر هو سمة عصرنا بامتياز، الصورة البراقة التي تعد بالفردوس الأرضي والسعادة غير المحدودة، شريطة أن لا تكون بائس ولا تشتري! ومن هنا فهذه الأدلة المضللة تؤثر في الكل بلا استثناء، وحتى الأطباء الأعلى أجرًا والأمهر في العالم يأخدون قراراتهم الخاصة بعلاج مرضاهم بناء على الأدلة المتاحة لهم، ولو كانت الأدلة مشوهة، فالإجابة أننا جميعًا معرضين للمعاناة والألم وخطر الموت، والذي من الممكن تجنبه لو قررنا إيقاف العجلة لبعض الوقت، وكي لا نصطدم جميعًا بمصير مظلم. تحتاج المنظومة إصلاح فوري ومراجعة جذرية للسياسات التي تحكمها، وإلى أن يتم هذا الأمر علينا الحذر والانتباه جيدًا، وربما الخوف!
المصادر:
..................................
[1] Research and Development in the Pharmaceutical Industry: https://2u.pw/VQxXmheD
[2] Duration and Life-stage of Antibiotic Use and Risks of All-cause and Cause-specific Mortality: A Prospective Cohort Study: https://2u.pw/tSCS7E8F
[3]pharmaceutical industry summary: https://2u.pw/LWHMGwg8
[4]- O'Neill Review into Antibiotic Resistance: https://n9.cl/grtja2
- The Health and Economic Burden of Resistance: https://n9.cl/8cyzu
[5] الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية: https://n9.cl/wpkn8
[6] أعلى 10 أدوية مبيعا 2022 "كونفنتين" يليه "أجمنتين": https://is.gd/cMCT14
[7] - هيئة الدواء تسحب مضادا حيويا من الصيدليات وتحذر من تداوله: https://n9.cl/zjq1m
- سر فرض قيود على صرف المضادات الحيوية من الصيدليات: https://n9.cl/jiy2s
- حظر بيع المضادات الحيوية إلا بروشتة.. تحرك برلماني عاجل تجاه الصيدليات: https://n9.cl/4gb8m
- قرار مهم من هيئة الدواء المصرية بشأن صرف المضادات الحيوية بالروشتة: https://n9.cl/f49cs
[8] - نداء عاجل لمجلس الوزراء في مصر.. "1000 دواء غير متوفر": https://n9.cl/ykndr0
[9]() رئيس هيئة الدواء: الدولة المصرية تدعم توفير كافة الاحتياجات الدوائية للمريض المصري والدواء المصري يتمتع بأعلى معايير الجودة: https://n9.cl/nni6x
[10] الفياجرا الصيني: مصطلح شعبي يطلق على أنواع مختلفة من المنشطات الجنسية، مجهولة المصدر على الأغلب، يروج لها وتباع بشكل غير رسمي على أنها مستوردة، غير أنه ليس هناك دليل واحد على مسألة الإستيراد من الخارج وحتى لو مستوردة فهي غير معتمدة من منظمات الغذاء والأدوية وبالتالي لم تدخل مصر بشكل شرعي. غير أنه لا توجد أي إحصائيات رسمية أو غير رسمية تقدر نسب بيع هذه الأدوية بالسوق المحلي، وهي كثيرة بالفعل، لكنها متداولة في الصيدليات بشكل غير معلن، أو في المواقف والقهاوي الشعبية على سبيل المثال.
[11 أجمنتين: مضاد حيوي واسع المجال ويستخدم في كثير من الأمراض والعدوى البكتيرية ومنها: معالجة عدوى الجهاز البولي وعدوى الجهاز التنفسي. علاج التهابات أو عدوى الجهاز التنفسي السفلي، التهاب الأذن الوسطى، إلتهاب الجيوب الأنفية والإلتهابات الجلدية. وغيرها.
[12] The Dark Side of Antibiotics: Adverse Effects on the Infant Immune Defense Against Infection: https://is.gd/R7gNfv
[13] الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية: https://n9.cl/wpkn8
[14] An estimated 1.2 million people died in 2019 from antibiotic-resistant bacterial infections: https://2h.ae/Kjjl
[15] أكبر 20 منتج فى سوق الدواء المصري: https://2h.ae/FKZj / https://2h.ae/oSTE
[16] أعلى 10 أدوية مبيعا 2022 "كونفنتين" يليه "أجمنتين": https://is.gd/cMCT14
[17] Drug Design and Development: https://is.gd/24eRnY
[18] COMMITTEE STAFF REPORT TO THE CHAIRMAN AND RANKING MEMBER COMMITTEE ON FINANCE UNITED STATES SENATE (November 2007). The Intimidation of Dr. John Buse and the Diabetes Drug Avandia: https://bit.ly/45Ezz9a
[19] The rise and fall of rosiglitazone: https://bit.ly/3N60LpX
[20] Effect of Rosiglitazone on the Risk of Myocardial Infarction and Death from Cardiovascular Causes: https://bit.ly/45K43Xd
[21] - STAFF REPORT ON GLAXOSMITHKLINE AND THE DIABETES DRUG AVANDIA: https://bit.ly/42jPdnF
- Glaxo's handling of Avandia concerns damned by US Senate committee: https://bit.ly/43fI0WY
- Grassley, Baucus Release Committee Report on Avandia : https://bit.ly/3oGEYff
[22]Rosiglitazone evaluated for cardiovascular outcomes in oral agent combination therapy for type 2 diabetes (RECORD): a multicentre, randomised, open-label trial: https://bit.ly/3ORSEyQ
[23] Results of a reevaluation of cardiovascular outcomes in the RECORD trial: https://2h.ae/XbJq
[24] GlaxoSmithKline to Plead Guilty and Pay $3 Billion to Resolve Fraud Allegations and Failure to Report Safety Data: https://bit.ly/3IPzd5M - GlaxoSmithKline fined $3bn after bribing doctors to increase drugs sales: https://bit.ly/3oza1K1
[25] Drug company experts advised staff to withhold data about SSRI use in children: https://2h.ae/QMjz
[26]GlaxoSmithKline to Plead Guilty and Pay $3 Billion to Resolve Fraud Allegations and Failure to Report Safety Data: https://bit.ly/3IPzd5M
[27]Efficacy of Paroxetine in the Treatment of Adolescent Major Depression: A Randomized, Controlled Trial: https://2h.ae/sqmI \ https://2h.ae/mhsN
[28] Marcia Angell: Drug Companies & Doctors: A Story of Corruption: https://2h.ae/zFcR
[29]U.S. Opposes Order to Pull Paxil TV Ads: https://2h.ae/Bepl
[30] GlaxoSmithKline to Plead Guilty and Pay $3 Billion to Resolve Fraud Allegations and Failure to Report Safety Data: https://bit.ly/3IPzd5M
[31]Shanghai travel agent's revenue surge led to arrests in GSK bribery case: https://2h.ae/ftcW
GlaxoSmithKline executives face China bribery probe: https://2h.ae/twdS
[32]China Fines GlaxoSmithKline Nearly $500 Million in Bribery Case: https://2h.ae/fibd
[33] Italian doctors face criminal allegations over bribes: https://2h.ae/IJeH - Glaxo probed over doctor freebies: https://2h.ae/gPUv
[34] جولديكر، بن. "شرور شركات الأدوية". ترجمة: محمد عبدالرحمن إسماعيل، هبة عبدالعزيز غانم. مراجعة: مصطفى محمد فؤاد. مؤسسة هنداوي 2017م.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا وملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية حتى نتمكن من عرض هذا الموقع وفهم كيفية استخدامه بشكل أفضل ، بهدف تحسين الخدمات التي نقدمها. إذا واصلت التصفح ، فإننا نعتبر أنك قبلت ملفات تعريف الارتباط.