فلسفة الزغزغة

2024-07-08

فلسفة الزغزغة

*آرون شوستر

ترجمة: طارق عثمان

 

 

سيان عند ابن آدم أن يُزغزغ بقِرش أو رَسَن أو رِباط ساق حريري―وإن كنت أعترف بأن رِباط الساق الحريري يُلِذ أكثر من غيره―فكأسماك السلمون المرقط، نحن نحب أن نُزغزَغ حتى الموت.

چون سِلدون[1]

 

 

الحيوان المُتزَغزِغ

مِن الشهير أن أرسطو قد عرّف الإنسان بأنه الحيوان العاقل (zoon echon logon)، وبأنه الحيوان السياسي (zoon politiken). بيد أنه قد ألمح في مواضع أخرى من أعماله إلى تعريف آخر―أقل شهرة لكن لا يقل عمقا―للإنسان. يقول في كتابه أجزاء الحيوان: «عندما يُزغزغ الناس ينفجرون في الضحك على الفور. ويرجع ذلك إلى أن الحركة تتغلغل بسرعة حتى تصل إلى هذا الموضع من الجسد ]الحِجاب الحاجز[، الذي لا يسخن بشدة، من جراء هذه الحركة، لكنه يؤثر، بالرغم من ذلك، على العقل (بمعزل عن الإرادة)، فُيحدِث الضحك. إن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يتأثر بالزغزغة، ويرجع ذلك إلى رِقة بشرته، وإلى أنه الحيوان الوحيد الذي يضحك.»[2] ولعل أرسطو قد فصّل القول في فكرة "الحيوان المُتزَغزِغ" هذه في الجزء الثاني المفقود من كتاب فن الشعر، الذي يتكلم فيه عن الكوميديا. والحق، أن العلاقة بين الضحك بسبب الزغزغة والضحك بسبب الكوميديا تظل مسألة معلقة. فما الأصوب: أن ندرس الزغزغة تحت باب الكوميديا أم اللمس؟ يرى أرسطو أن اللمس هو الحاسّة الأشد أولية، وأنها أحدّ ما يكون عند البشر، بفضل رقة بشرتهم ونعومتها، وهذه خصيصة يتمتعون بها دون غيرهم. فقد تتمتع الحيوانات الأخرى بحاسّة شم أو سمع أحدّ من حاسّة شم الإنسان وسمعه إلا أن «حاسة اللمس عند الإنسان ... أشد دِقة ورهافة من حاسّة اللمس عند جميع الحيوانات الأخرى.»[3] وعلى ذلك، يسوغ لنا أن نعتبر الزغزغة أثرا جانبيا للحساسية الفائقة لحاسّة اللمس البشرية. إن قابليتنا الفريدة للتأثر بالزغزغة هي الثمن الذي تعين علينا دفعه لكي يتسنى لنا اختبار العالم على نحو أشد صقلا وتمييزا عن طريق اللمس.

لماذا يضحك الناس عندما يُزغزَغون؟ ولماذا لا يستطيع المرء أن يُزغزغ نفسه؟ ولماذا تقبل مواضع بعينها من الجسد الزغزغة أكثر من غيرها؟ ولماذا يستمتع بعض الناس بالزغزغة بينما لا يستمتع بها آخرون؟ وقبل كل ذلك، ما هي الزغزغة أصلا؟ في حقيقة الأمر، ليس من اليسير تعريف هذه الظاهرة بدقة، كما تشهد ثلة من الدراسات العلمية. وإليكم أحد التعريفات التي تروم دقة الوصف: «وهكذا يمكن أخيرا تعريف الزغزغة بأنها إحساس حاد بشدة ومتقلب وغير متموضع على نحو معين وغير مُحلَل على نحو سديد، يتوزع فيه الانتباه على المضامين الحسية المباشرة وعلى الأحاسيس الانعكاسية المصاحبة لها.»[4] قد يكون هذا التعريف الضبابي والمُبهم والـ«غير مُحلَل على نحو سديد،» الذي خلص إليه المؤلف، بعد زهاء خمسين صفحة من الدراسة العلمية، تعريفا مخيبا. ومع ذلك قد نخرج منه بدرس ينبغي علينا تعلّمه: لابد لكل تعريف للزغزغة أن يقدّم تفسيرا لاستعصائها على التعريف، لحركيتها الملتبسة والمراوغة. وسعى باحث آخر، وهو توماس مِنتز، إلى تبيين طبيعة الزغزغة المتغيرة مشددا على حركيتها الهائمة هذه، بعبارته: «الزغزغة―الحِكّة التي تتحرك.»[5] على المستوى العصبي، الصلة وثيقة جدا بين كل من الزغزغة والحِكّة والألم، ومع ذلك يؤلهها الدماغ كحالات فِنومِنولوجية (إدراكية، شعورية) متباينة: فالحِكّة يُحس بها في موضع بعينه "على" الجلد، ويمكن بلوغها عن طريق الحك (الهرش)، أما الزغزغة فتتألف من تيار متحرك من المثيرات "الخارجة" عنا، التي ندفعها بالتشنجات والتقلصات، بينما الألم في "داخلنا" ولذلك لا يمكننا دفعه أو الفرار منه.[6] في مقالتهما التي تُعدّ كلاسيكية حاليا في دراسات الزغزغة، فرّق عالما النفس ج. ستانلي هول وأرثر ألان بين نوعين من الزغزغة: أطلقا على الأول اسم knismesis، أي الحك الرقيق، وهو الذي ينتج عن حركة لطيفة على الجلد، بواسطة ريشة على سبيل المثال. وأطلقا على الثاني اسم gargalesis، أي الزغزغة الغليظة، وهو الذي ينتج عن ضغط أقوى، بواسطة النخس والنكز على سبيل المثال. وإذا كان النوع الثاني مرتبط عادة باللعب والضحك، فإن النوع الأول ينطوي على لغز الزغزغة الحقيقي. يقولا:

لماذا يثير لمس شعرة دقيقة أو نسيج صوف أو نسيج عنكبوت أحاسيس عارمة ومتغلغلة، ويثير حركة انعكاسية قد تبلغ من الشدة درجة التشنج. لكن حينما يُزاد الضغط―بنفس الشيء وعلى نفس الموضع―ولو قليلا لا يتبقى إلا إحساس معتدل وموضعي باللمسة من دون أية ردود حركية تقريبا.[7]

وعلى ذلك، ألا تنتهك الزغزغة الآلية الأساسية للسبب والنتيجة: لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه؟ إذ تولد أرق تمسيدة ردّ فعل متفجر، بينما لا يولد التدليك الأشد قوة أي ردّة فعل تقريبا. على المستوى الجسدى الأشد تفاهة، نجد شيء معجز في عمل الزغزغة يبدو أنه يخرق تجربتنا اليومية للسببية، وبذلك يحولنا إلى شُكّاكّ فلسفيين بالسليقة. يبدو الأمر كما لو أن الجسد الحي منقسم إلى جسدين: جسد عملي محكوم بالمبادئ والتفاعلات الراسخة، ولحم بالغ الحساسية، يفقد مع أبسط وخزة كل سيطرته وتناسقه وينغمر في حالة من العجز التشنجي.[8]   

 

أقدم نُكتة

دحضت الأبحاث العلمية دعوى أرسطو القائلة بأن الزغزغة شأن بشري محض―إذ رصد علماء الحيوان الزغزغة عند الشمبانزي، بل ووجدوا أن الفئران تصدر بتردد فوق-سمعي صريرا يشبه الضحك حينما تُزغزغ―لكنها أثبتت حدسه بأهمية هذه الظاهرة الهامشية والتافهة على ما يبدو.[9] (ملاحظة إضافية عن الزغزغة الحيوانية: أشهر حيوان قابل للزغزغة هو بلا شك سمكة السلمون المرقّط أو الترَوتة التي تدخل في حالة تشبه الغيبة أو الغشية عنما يدلك أسفل بطنها بلطف. وهذا أمر معروف منذ عصور خلت؛ ففي مسرحية شكسبير الليلة الثانية عشر المعروفة أيضا باسم كما تشاء، قالت ماريا وهي تخطط لخديعة مَلڨوليو: «فلتكمن هناك؛ فها هي قد أتت التروتة التي ينبغي اصطيادها بالزغزغة»). لقد تبين أن الزغزغة ليست مجرد تشنج بلا معنى وإنما مرتبطة ارتباطا وثيقا بنمو الإنسان وبإحساسه بذاته. هذه هي أطروحة عالم الأعصاب روبرت پروڨين، الذي يرى أن الزغزغة شكل مهم من أشكال التواصل البشري السابق على الكلام، وأنها أحد العناصر التي تكون التفريق بين الذات والآخرين. ومثل ضرب أولي ومبرمج عصبيا من التواصل، تولد الزغزغة الحميمية بين شخصين عن طريق نوع حميد ولعبي من العنف. وكذلك يلعب عجز المرء الشهير عن زغزغة نفسه دورا كبيرا في تعليم الرضيع حدود تجربته الجسدية، إذ يؤشر بجلاء على الفرق بين تأثير المرء على ذاته وتأثير الآخرين عليه.

دعونا نركز على تفصيلة بعينها في نظرية روبرت پروڨين، وهي تبصّر مُشِط إلى حدٍ ما. لقد ربط بين الزغزغة والضحك الفكاهي، لكنه ربط علاوة على ذلك بينها وبين نشأة الكوميديا الأولى في غابر الأيام، يقول: «سأدلو متهورا بدلوي في النقاش حول منشأ الفكاهة، طارحا لما أراه أقدم نُكتة على الإطلاق: التظاهر بالزغزغة (وليس الزغزغة الفعلية بسبب طبيعتها الانعكاسية،  إذ تؤدي إلى الضحك على نحو تلقائي ولا إرادي). فالبشر يلعبون لعبة التهديد بالزغزغة ―"سأمسك بك"―في شتى أرجاء العالم، وهذه هي النكتة الوحيدة التي يمكن قولها لطفل بشري وطفل شامبنزي على حد السواء، فكلاهما يفهمها ويضحك عليها جَذِلا.»[10] لنلتفت إلى حِذق أطروحة پروڨين: ليس الضحك من جراء الزغزغة ضحكا كوميديا بحق لأنه مجرد ردّ فعل عصبي وتلقائي. إن الكوميديا، النكتة، لم تدخل إلى المشهد إلا بعد الابتعاد عن ردّ الفعل العصبي، بالتوقف عن الزغزغة والشروع في التظاهر، التهديد، بالزغزغة، أي بالتوقف عن ممارسة لعبة الزغزغة والشروع في اللعب بها، بتحويلها إلى عرض، مشهد، فحينها لن يعود الضحك من جراء الزغزغة نفسها وإنما من جراء تعليقها، استعراضها. ويمكن أيضا اعتبار هذه النكتة الأولى (التظاهر بالزغزعة) تجليا بدائيا للثقافة بصفتها نطاقا منفصلا عن ردود الفعل الانعكاسية والغرائز الطبيعية.

استبق أرثر كويستلر هذه الفرضية في دراسته الواسعة فعل الإبداع قائلا:

وهكذا حينما نزغزغ طفل يتملص ويتلوى. لكنه لن يضحك إلا―وهذا هو لُبّ المسألة―إذا توفر شرط إضافي: أن يرى الطفل في الزغزغة هجوم كاذب، مداعبة متنكرة تحت قناع من العنف المعتدل. وهذا ما يفسر ضحك الناس عندما يُزغزَغون على يد آخرين فحسب لا عندما يزغزغون أنفسهم بأيديهم. ...

إنها نفس آلية التشخيص الكوميدي: يجسد المُزغزِغ شخصية معتدي، لكن المُزغزَغ يعلم في الوقت عينه أنه ليس معتديا في حقيقة أمره. ولعل هذا هو أول مواقف الحياة التي يجد الطفل فيها نفسه يعيش في مستويين  بالوقت عينه، أول تجربة لذيذة للمزج ذهنيا بين شيئين لا صلة بينهما―مبشرة بالملذات التي سيجدها المرء لاحقا في  المسرحيات الإيمائية (الصامتة)، وباستسلامه طواعية لأوهام المسرح، وبزغزغته بواسطة أفلام الرعب والتشويق.[11]

وبعبارة أخرى، تُعدّ الزغزغة الباب الذي ولج منه الإنسان إلى عالم التظاهر والاختلاق والتمثيل أو الـ mimesis، المحاكاة، حتى نستعمل كلمة إغريقية. وكما سنرى أدناه، العلاقة بين الزغزغة والمسرح علاقة وثيقة.

Titillatio [زغزغة باللاتينية]

ارتبطت الزغزغة منذ زمن بالجدالات الفلسفية حول طبيعة اللذّة. فبداية من أفلاطون، وصولا إلى لاكان، مرورا بديكارت وسبينوزا ونيتشه وفرويد وغيرهم، اتخَذ من الزغزغة طريقا بديلا للتفكير في اللذة، لا باعتبارها اشباع مهدّئ ومريح وإنما باعتبارها تهييج وإثارة. يبدو التباس الزغزغة―لذة قد تنقلب إلى ألم عاجلا―مناسبا لوصف اللذة-في-الألم التي يسميها چاك لاكان بالـ Jouissance (متعة)، في مقابل الـ plaisir (اللذّة).[12] في السِمينار الرابع عشر، وصّف لاكان الـ Jouissance باستعمال الزغزغة صراحة، محيلا على مصطلح titillatio عند سبينوزا[13] (يفرق سبينوزا بين ضربين من الفرح أو السرور: hilaritas، أي الابتهاج والحبور: وهو فرح يعم كل أجزاء الجسد على حد السواء، وtitillatio، أي الزغزغة: وهو فرح يصب جزء بعينه أكثر من الأجزاء الأخرى، ويمكن اعتباره سلف لمفهوم فرويد: اللذّة-الجزئية [أي اللذّة الناتجة عن إثارة أي من مناطق الجسد الشهوانية]).[14] وفي السِمينار السابع عشر، وصّفها باستعمال التشبيه التالي: «لقد قلت سلفا ما يكفيكم لأن تعرفوا أن الـ Jouissance  كقِدر بنات دانوس، الذي يشرع المرء في ملئه لكنه لا يعلم قط متى سينتهي منه. إنها تبدأ بزغزغة وتنتهي بحريق بترولي.»[15] أو كما قال نيتشه متهكما على أصحاب مذهب السعادة: «ما هي أفضل حياة؟ أن نُزغزَغ حتى الموت.»[16]

الصعوبات التي لاقاها فرويد في سعيه إلى وضع تعريف عام للذّة معروفة. يقول في أحد المواضع الهامة من ثلاث مقالات في نظرية الجنسانية: «لا شك أن الإثارة ]للمناطق الشهوانية[ التي تُحدِث اللذّة محكومة بشروط أو متطلبات مخصوصة، وإن كنا لا نعلمها. لكن يمكن القول أن الإيقاع واحدا منها، ولنا في الزغزغة خير مثال على ذلك.»[17] سيعود فرويد لاحقا إلى هذه الفكرة، وسيقول بتردد أن «السمة الكيفية المحددة» للذّة «قد تكون ... الإيقاع، رفع كمية الإثارة وخفضها على نحو متتابع زمنيا. ربما، فنحن لا نعلم.»[18] والحق، أن قول فرويد أن اللذّة تعتمد على عامل زمني، على حركة إيقاعية تشبه الزغزغة، هو قول قديم نوقش كثيرا. ويمكن تتبعه في الزمن الحديث حتى نظرية ديكارت عن الزغزغة بصفتها نحو مخصوص من الإثارة العصبية. يرى ديكارت أن شدّ الألياف العصبية يُحدِث الزغزغة، وهي إحساس مُلذّ وثيق الصلة بالألم من جهة السبب.[19] تنشأ اللذّة «عندما تُحدِث المثيرات الحسية قدر من الحركة في الأعصاب من شأنه أن يؤذيها ما لم تكن تتمتع بقوة كافية لمقاومته.»[20] الزغزغة هي هزّ إيقاعي للأعصاب، تستشعر الروح (النفس، العقل) من خلاله حياتها وارتباطها بالجسد؛ تشعر الروح بـ«صحة الجسد» و«قوته» عندما يُختبرا بواسطة مؤثر حسي قوي. بينما «ينشأ الألم عندما يكون تأثير المثيرات الحسية على الأعصاب عنيفا لدرجة تجرحها»: الزغزغة إذ تنقلب إلى تعذيب.[21]

تفسر لنا متعة الزغزغة وجود لذّة في العواطف المؤلمة، لأن حتى هذه العواطف تلمس الروح وتهزها. وهكذا تعود دراسة الزغزغة بنا  مرة أخرى إلى المسرح. لا توجد مسألة شغلت فلاسفة الفن المُحدثين أكثر من هذه المسألة: متعة التراجيديا. لماذا يحب الناس مشاهدة عروضا مروعة ومحزنة وموجعة للقلب؟ إليكم جواب ديكارت: «نحن نجد لذّة في شعورنا بشتى صنوف العواطف―حتى الحزن والكره―عندما تُثار هذه العواطف فينا بواسطة الأحداث الغريبة التي نراها معروضة على خشبة المسرح أو بواسطة تلك الأشياء الأخرى التي لا تقدر قط على أن تلحق بنا أي أذى لكن يبدو أنها تؤثر على أرواحنا بزغزغتها.»[22] يشبه تأثير العواطف التي تثيرها فينا مسرحية على الروح تأثير الريشة الشهيرة التي يوخز بها باطن القدم على الجسد إذ يختلج ويجفل. إن الروح تتزغزغ كما يتزغزغ الجسد؛ إن الزغزغة شأن ميتافيزيقي كما أنها شأن فيزيقي.

Le spasm suprême [التشنج الأقصى]  

لكن هل من الممكن أن يموت المرء حقا من جراء الزغزغة؟ حكي الطبيب الفرنسي النهضوي لوران چوبير (ت. 1582) في رسالته عن الضحك أنه قد سمع «عن فتاتين أخذتا تزغزغان شاب على نحو  لحوح حتى توقف عن النطق. فظنتا لأول وهلة أنه قد أغشي عليه ثم تبين لهما مصعوقتين أنه قد مات مختنقا.»[23] (يرى چوبير أن هذا ضرب مرضي و"مزيف" من الضحك في مقابل الضحك الحقيقي المعتدل الذي يتمتع بخصائص علاجية). وحكي الطبيب وعالم الفِسيولوجيا الهولندي چوست ميرلو (ت. 1976) عن ضرب بالغ القسوة من التعذيب بالزغزغة استعمله الرومان: تُعلق الضحية على سقالة، ويُطلى باطنا قدميها بمحلول ملحي، فتقبل عنزة على لعقه بلسانها الخشن، وتزغزغ الجلد بلا انقطاع. وبفعل ذلك، يتقشر الجلد المملح تدريجيا. ثم يُطلى الجلد المجروح بمحلول الملح اللاذع مرة أخرى لتلعقه العنزة إلى ما لا نهاية، حتى تموت الضحية من العذاب.[24]

بمعزل عن هذه الحالات المتطرفة، حاجج ميرلو عن أن الصلة بين الزغزغة والموت تمر من خلال طريق اللذّة الجنسية. إن اختلاجات الزغزغة لتسدعي لحظة النشوة الجنسي وما تقتضيه من فقد للذات وتخلي عنها. يقول: «بمعنى أعمق، أن تُزغزَغ حتى الموت يعني أن تنتشي جنسيا، أن تشعر بأنك مِت وبُعثت في خضم شبع جنسي ما له من قرار.»[25]  

من بين حالات الموت بالزغزغة جميعها، حالة معقدة بعينها هي التي برزت بجلاء في تاريخ الفلسفة بفضل تأملات چاك دِريدا في كتابه بعثرة (Dissemination)، الصادر في سنة 1972. في مفتتح القسم المعنون بـ"الجلسة المزدوجة"، عارض دِريدا بين نصين: الأول، فقرة من محاورة فِليبوس لأفلاطون تتناول مسألة المحاكاة، والثاني للشاعر الفرنسي ستِڨان مالارميه (ت. 1898)، بعنوان “Mimique” (محاكاة)، وهو عبارة عن عرض نقدي من صفحة واحدة لمسرحية إيمائية من تأليف قريبه پول مارجرِت (ت. 1918)، وهو كاتب فرنسي عُرف في المقام الأول بالرويات التاريخية التي كتبها رفقة أخيه ڨِكتور. لكن ذاع صيته في زمنه بفضل معالجته الفريدة لقصة "بيرو المهرج" الأسطورية الضاربة في القدم. ففي نهاية القرن التاسع عشر، أعاد مارجرِت―الممثل الإيمائي الهاوي لكن المتفاني―ابتكار قصة بيرو بنجاح، إذ حوّل المهرج الحزين التقليدي إلى شخصية عُصابية حديثة بحق. وسيصف لاحقا شخصيته المبتكرة بأنها «بيرو محنك، عصابي، فظ وساذج، متلون بالمتناقضات، فيه مسحة ساديّة، مخمور بالكلية، ووضيع تماما.» وباختصار، إنه «كابوس تراجيدي على أسلوب إرنست هوڨمان وإدجار ألان پو.»[26] استوحى مارجرت قصته "بيرو، قاتل زوجته"، مِن هذين البيتين للكاتب والناقد المولع ببيرو، تيوفيل جوتيه(ت. 1872):

قصة زوج زغزغ زوجته، إلى أن زهقت روحها ضاحكه.[27]

تبدأ أحداث المسرحية [التي يؤديها پول مارجرِت إيمائيا على المسرح] من بعد وقوع الواقعة. لقد عاد بيرو لتوه إلى المنزل مع حفّار القبور بعدما دفنا زوجته كُلومبين. وبينما يكرعان الكونياك، شعر بيرو بشيء من الإهانة فتحول بغته عن ضيفه. وتحت تأثير الخمر، راح يفكر فيما اقترفته يداه. لماذا فعل فعلته التي فعل؟ «لقد سلبتني ذهبي؛ وشربت أجود نبيذي؛ وضربت ظهري ... ودنّست عِرضي، أجل، لقد زنت، وأوغلت في الزنا.» لقد كان لديه كثرة من الأسباب، لكن «ما أهمية ذلك؟» لقد قتلها بداعي الهوى، لأنه سيدها ولا أكثر. ثم كما لو أن الزمن عاد به إلى الوراء، إلى ما قبل الفِعلة، شرع بيرو في التفكير والتقدير: كيف أقتلها؟ طرح على نفسه عدّة من الخيارات الممكنة ونبذها جميعا لكونها مفرطة الفوضوية أو التجريم (حبل، سكين، سيف، سُم، بندقية)، وبينما يحك قدمه وهو يفكر، قاده الشعور بالوخز إلى الحل المثالي: سأزغزغها إلى أن تموت. ثم أعاد بيرو تمثل جريمته على نحو هذياني: كُلومبين نائمة؛ يتسلل إليها، يسدل الستائر من حول السرير، ويربط ذراعيها وقدميها بحبل ويكمم فمها. وفي اللحظة التي شرع فيها بيرو في زغزغتها، أخذت تتلوى في فراشها في «بهجة مرتاعة» وتتوسل إليه أن يتوقف.[28] لم يبال المهرج المجنون بصيحاتها، وواصل زغزغتها إلى أن قُهرت في نهاية المطاف وفاضت روحها في «تشنج أقصى (أخير).» يفحص بيرو الجثة المتخيلة، لا يكاد يصدق في بادئ الأمر أن كُلومبين ميتة حقا، ثم يُسرّ بأنه قد ارتكب الجريمة المثالية. وبعد كل هذا العمل المضني شعر بيرو بالنعاس. وعندما شرع في خلع ملابسه لاحظ أن قدميه ترتعشان، كما لو كانت ترقص بلا إرادته. أضحت الرعشة محمومة أكثر فأكثر إلى أن وجد نفسه يهرول مسعورا في أرجاء الغرفة كممسوس. حاول المهرج التخلص من تلويه اللعين بشرب المزيد من الخمر لكن بلا جدوى. تقع عيناه على لوحة شخصية لكُلومبين. إنها تسخر منه وتزغزغه من وراء قبرها. يرتعش جسد بيرو ويشنج إلى أن يلحق بزوجته ويموت في نوبة من الضحك المجنون.[29]  

هذا بلا شك أعجب مشهد زغزغة يمكن تصوره على الإطلاق. ولضيق المقام لن يسعني أن أفصّل القول في أداء مارجرِت البارع أو نقد مالارميه المكثف في صفحة واحدة أو تعليق دِريدا الفلسفي المُسهَب. لكن يكفينا أن نبين بإيجاز لما اعتبر دِريدا أن لهذا الأداء قيمة نظرية كبيرة جدا. يرى دِريدا أن أداء مارجرِت الحاذق والأريب يفنّد فكرة التقليد والمحاكاة كما ورثناها من أفلاطون والتراث الفلسفي. ففيه فقدت الحدود الفاصلة بين الأصل والنسخة، بين الواقع والادعاء، بين الجوهر والمظهر وضوحها وأضحت غائمة على نحو رائع. وبكلمات مالارميه: تتكشف المسرحية على أرضية من «الاختلاق المحض.»[30] إن الممثل لم يتظاهر بأنه مهرج قاتل فحسب وإنما يفقد في خضم هذيان مُصطنع إحداثيات هويته المختلقة نفسها، ففي البداية يغدو المهرج الذي يقتل زوجته بزغزغتها، ثم ينقلب إلى الزوجة المعذبة بالزغزغة. من يحاكي ماذا هنا بالضبط؟ بل إن الفعلة المنصوص عليها في عنوان المسرحية "بيرو، قاتل زوجته" لم تُعرض قط على نحو مباشر. لقد دبّر بيرو "الجريمة المثالية": قتل عن طريق المتعة الخالصة ("أفضل حياة" بحسب نيتشه[31])، قتل لا يترك أي علامة أو أثر. لكن في مسرح القسوة هذا، لم نشاهد إلا مجرد تلميح إلى القتل: تبدأ المسرحية بعد ارتكاب جريمة القتل (لقد وقعت الواقعة بالفعل)، ثم يُعاد تمثيلها بأثر رجعي (ستقع)، وأخيرا تُكرر (تقع مرة أخرى)، في نوبة هياج مخمورة حيث ينقلب الجاني إلى مجني عليه. أو بكلمات مالارميه، لا يوجد هنا إلا «مظهر حاضر كاذب»[32]―سيزعم دِريدا أن بيرو لم يقتل زوجته، أو على الأقل لم يقتلها في «حاضر» صريح غير ملتبس ولا مُشكل―وفعل المحاكاة مُرَحلّ على نحو مخادع على الدوام. ليس أداء مارجرِت مجرد محاكاة بسيطة، استنساخ لفعل ما أو تقديمه مرة أخرى وإنما أداء لفعل المحاكاة نفسه، محاكاة للمحاكاة، محاكاة مُثناة. أو كما يقول دِريدا: «إن المحاكي [الممثل الإيمائي] ... لا يحاكي فعلا ما وإنما يحاكي المحاكاة.»[33] يوجد شيء خطير ومنفلت العقال هنا، ويمكن قراءة المسرحية و"ادعائها المُدعى" باعتبارها حكاية تحذيرية من مغبة ذلك. ما الذي جرى لبيرو؟ في خضم المحاكاة، خُدِع المحاكي بمحاكاته، لقد زُغزِغ المُزَغزِغ بزغزغته. في هذه القصة الملتوية عن النشوة المهلكة، يبدو  الأمر كما لو أن المحاكاة نفسها هي الشأن الزغزغي (الحساس، الخطير) بحق.

وإليكم ملاحظة إضافية: مثل التشنج المزدوج―حتى لا نقول المتزامن―لبيرو وكُلومبين، يوجد على مستوى تأويل هذا النص اهتزازين متقاطعين لكن متمايزين: أولا، الرعشة-حتى-الموت في الكابوس المأسوي، الأخيولة (phantasm) الجنسية العنيفة لمهرج مارجرِت الممسوس. وثانيا، «التعليق الاهتزازي»[34] للفكرة الجمالية، الاختلاق المحض لمحاكي مالارميه «الوخاز والرائع». في الأول، تُلبى الرغبة على نحو مميت (فالمتعة تبدأ بزغزغة وتنتهي بانفجار كما يقول لاكان)، بينما نظل في الثاني معلقين بين «الرغبة والإشباع»، متأرجحين فوق حافة بالغة الدقة، «من دون أن نكسر الجليد أو المرآة.»[35]

 

بين الفيزيقا والميتافيزيقا

دعونا نعود الآن إلى فرضية بروڨين عن أصل الفكاهة القائلة بأن التظاهر بالزغزغة هو أقدم نكتة على الإطلاق، ولنأخذها على نحو أكثر جدية من صاحبها نفسه. تنسجم هذه الفرضية جدا مع طرح كويستلر القائل بأن الزغزغة هي أول لعب مسرحي، طريقة واهب الرعاية لإدخال الطفل إلى عالم التظاهر والاختلاق. لكن الزغزغة لا تؤشر على بدء مسرحة العالم فحسب وإنما على "نهايتها" أيضا، على بلوغها أقصى درجات التعقد، على تمامها بإحالتها على طبيعتها كتظاهر واصصناع. لقد بدأنا بمحاكاة الزغزغة وانتهينا بزغزغية المحاكاة نفسها. لو أنّ أول نكتة هي التظاهر بالزغزغة (سأمسك بك)، فيسوغ لنا أن نرى في أداء بيرو المميت ضحكة الثقافة الأخيرة، تشنجها النظري الأقصى.

ذكر دارون أن «المخيلة يمكن زغزغتها في بعض الأحيان بفكرة مضحكة؛ وأن زغزغة العقل  المفترضة هذه تشبه، على نحو مثير للفضول، زغزغة الجسد.»[36] أليست الزغزغة نفسها هي تلك الفكرة الزغزغية المضحكة؟ أود هنا أن أشدد على هذا الشبه بين العقل والجسد، وأطرح سبيلا لتبينه مزيدا: الزغزغة جسر متزعزع بين فيزيقا حساسة وميتافيزيقا متقلبة.

 

*******

Photo 5791663279129608360 Y

 صور من كتاب Infant Chimpanzee and Human Child (طفل الشمبانزي والطفل البشري) لعالمة الحيوان الروسية Nadezhda Ladygina-Kohts، التي صدرت طبعته الأولى في سنة 1935. يقدم الكتاب دراسة مقارنة بين سلوك كل من طفل بشري (رودي ابن هذه العالمة) وطفل شامبنزي يدعى چوني. نرى في الصورتين السفليتين ضحك چوني على إثر زغزغته.

 

 

 

Photo 5791663279129608370 Y

رسمة بيرو مزغزغا لكلومبين حتى الموت، للرسام الفرنسي أودلف ڨيليت (ت. 1926) المنشورة في جريدته الأسبوعية Le Pierrot، 7 ديسمبر، 1888.

 

 

 

Photo 5791663279129608365 Y

لوحة العذراء وطفلها والتي يشار إليها أحيانا بـ"العذراء المزغزِغة" (1420s) للرسام الإيطالي ماساتشو  (ت. 1428).

 

   

Photo 5791663279129608366 Y

لوحة الزغزغة (حوالي 1755)، للرسام الإيطالي بيترو لونجي (ت. 1785).

 

 

 

Photo 5791663279129608367 Y

نشرت هذه الصورة رفقة خبر في جريدة Illustrated Police New، عدد 11 ديسمبر 1869، يحكي قصة زوجة شابة زعم زوجها المدعو مايكل بوكردج أنه وجد علاجا لدوالي قدميها. أقنعها زوجها بأن تسمح له بأن يربطها فوق لوح خشبي، لتجد أنه قد دبّر «خطة تعذيبية»: أن يزغزغها حتى الجنون. ولقد أفلحت الخطة؛ فوفقا للجريدة، دخلت الزوجة المستشفى على إثر أعمال زوجها الشياطنية بواسطة الريشة.

 

 

 

Photo 5791663279129608368 Y

 

لوحة رجل يزغزغ أنف امرأه بريشة (حوالي 1860)، للرسام الإنجليزي توماس واد (ت. 1891).

 

..............................................................................

* Aaron Schuster, “A philosophy of Tickling,” Cabinet Magazine, Issue 50, summer 2013.

[استعمل كلمة زغزغة، عوضا عن دغدغة الأشد "رسمية"، لجريانها على الألسن مع سلامتها.]

[1] Table-Talk: Being the Discourses of John Selden, Esq., 1689.

[2] Aristotle, Parts of Animals, III, x, 673a2–8, trans. A. L. Peck (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1937), p. 281.

[3] Aristotle, Sense and Sensibilia, IV, 441a1–2, in The Complete Works of Aristotle, vol. 1, ed. Jonathan Barnes, trans. J. I. Beare (Princeton: Princeton University, 1984), p. 10.

[4] Elsie Murray, “A Qualitative Analysis of Tickling: Its Relation to Cutaneous and Organic Sensation,” The American Journal of Psychology, vol. 19, no. 3 (July 1908), p. 344.

[5] Thomas Mintz, “Tickle—The Itch That Moves,” Psychosomatic Medicine, vol. 29, no. 6 (1967).

[6]  المرجع نفسه، ص 608.

[7] G. Stanley Hall and Arthur Allin, “The Psychology of Tickling, Laughing, and the Comic,” The American Journal of Psychology, vol. 9, no. 1 (October 1897), p. 11.

[8] على نحو بعد-حداثي نموذجي، عادت الزغزغة إلى الواجهة بصفتها منفعة صحية: فمؤخرا افتتِحت منتجعات صحية (سبا) للزغزغة في كلٍ من أسبانيا وبولندا. ولعل ذلك بداية توجه (ترند) صحي جديد قائم على التشنج.  

[9] Jaak Panksepp and Jeff Burgdorf, “‘Laughing’ Rats and the Evolutionary Antecedents of Human Joy?,” Physiology & Behavior, vol. 79 (2003), pp. 533–547.

[10] Robert R. Provine, Curious Behavior: Yawning, Laughing, Hiccupping, and Beyond (Cambridge, MA: The Belknap Press of Harvard University Press, 2012), p. 55.

[11] Arthur Koestler, The Act of Creation (London: Hutchinson & Co., 1964), pp. 80–81.

[12]  الـ Jouissance مفهوم لاكاني شهير (ينهي بعض الشرّاح عن ترجمته)، ويكفينا في هذا المقام التفريق بينه وبين اللذة من جهة علاقتهما بالألم. تنتج اللذّة عن زوال الألم أو خفض الاستثارة العصبية، أي أنها خاضعة لمبدأ اللذة الفرويدي. أما الـ Jouissance فهي متعة مشربة بألم، بل قد تكون ناتجة عن الألم نفسه، ولذلك ليست خاضعة لمبدأ اللذّة وإنما للـ death drive، دافع-الموت الفرويدي: إنها لا تنتج عن ضبط حالة الجسد الفسيولوجية المثالية وإنما عن تقويضها. فليست هي اللذة التي ينالها  المرء من الشبع، وإنما المتعة التي ينالها من كمية الطعام التي يأكها بعدما يشبع بالفعل (نجد مثالا بارديجميا على ذلك، في مشهد المطعم المروع من فيلم the meaning of life لمونتي باثون). هي متعة المدخنين ومدمني الخمر والمخدرات (متعة ليوناردو ديكابريو وجونا هيل في the wolf of wall street ، أو متعة شين بين وهو يدخن في الحمام بينما قلبه يكاد يتوقف في 21 grams). هي المتعة التي نجدها في مشاهدة أفلام الرعب أو التراجيديات التي تتصدع لها القلوب، أو في أكل الشطة، حتى نذكر أمثلة أكثر ابتذالا. [المترجم]

[13] Jacques Lacan, “Seminar XIV: La logique du Fantasme, 1966–67” (غير منشور), session of 14 June 1967.

[14] Spinoza: Complete Works, ed. Michael L. Morgan, trans. Samuel Shirley (Indianapolis: Hackett, 2002), p. 285.

يقول في حاشية القضية 11 من الباب الثالث من كتاب الإتيقا: «عندما تكون عاطفة الفرح مرتبطة بالعقل والجسد معا أسميها titillatio (زغزغة) أو hilaritas (بهجة)؛ وبالمثل عندما تكون عاطفة الحزن مرتبطة بالعقل والجسد معا أسميها dolor (ألم) أو melancholia (كآبة). لكن تجدر الإشارة إلى أن الزغزغة والألم يتعلقان بالإنسان عندما تتأثر بعض أجزائه بالفرح والحزن أكثر من الأخرى، بينما تتعلق البهجة والكآبة به عندما تتأثر بهما جميع أجزائه على حد السواء.»

[15] Jacques Lacan, The Seminar of Jacques Lacan, Book XVII: The Other Side of Psychoanalysis 1969–1970, ed. Jacques-Alain Miller, trans. Russell Grigg (New York: W. W. Norton, 2007), p. 72.

[يحيل لاكان هنا على أسطورة بنات دانوس اليونانية: دانوس (ملك لبيا) وإيجبتيوس (ملك مصر) توأم، أنجب دانوس خمسين بنتا وأنجب إيجبتيوس خمسين ولدا. اضطر دانوس إلى تزويج بناته الخمسين بأولاد أخيه الخمسين، فطلب من بناته أن يقتلن أزواجهن في ليلة العرس، ففعلن ذلك إلا واحدة (لأن زوجها تركها عذراء). فعاقبتهن  الآلهة بضرب سِزيفي من العقاب الأبدي: أن يملئن بالماء قِدر مثقوب من أسفله.]

[16] “Was ist das beste Leben? Zu Tode gekitzelt werden.” See Nachgelassene Fragmente, eds. Giorgio Colli and Mazzino Montinari, Summer–Fall 1882, fragment 133.

[17] Sigmund Freud, Three Essays on the Theory of Sexuality in The Standard Edition of the Complete Psychological Works of Sigmund Freud, trans. James Strachey (London: Hogarth, 1955), vol. 7, p. 183.

[18] Sigmund Freud, “The Economic Problem of Masochism,” Standard Edition, vol. 19, p. 160.

[19] René Descartes, Treatise on Man, in The Philosophical Writings of Descartes, vol. 1, trans. John Cottingham, Robert Stroothoff, and Dugald Murdoch (Cambridge: Cambridge University Press, 1985), p. 103.

[20] René Descartes, The Passions of the Soul, in The Philosophical Writings of Descartes, vol. 1, p. 362.

[21]  المصدر نفسه.

[22]  نفسه.

[23] Laurent Joubert, Treatise on Laughter, trans. Gregory David De Rocher (Tuscaloosa: University of Alabama Press, 1980), p. 61.

[24] Joost A. M. Meerloo, “The Biology of Laughter,” Psychoanalytic Review, vol. 53, no. 2 (1966), p. 36.

ذكر هاڨِلوك إلياس «أنه قد سُجِل عددا من حالات الوفاة من جراء الزغزغة، وأنه لا يوجد ما يدعونا للشك في صحة الخبر القائل أن سيمون دِ مونتفورت ]إيرل مقاطعة لستر بإنجلترا، ت. 1265[ قد قتل بعض أفراد فرقة الكثار [المسيحية المبتدعة]، أثناء الحملة الصليبية عليها، عن طريقة زغزغة بواطن أقدامهم بريشة.» انظر:

Ellis, Studies in the Psychology of Sex, vol. 4 (Philadelphia: F. A Davis, 1927), p. 15.

[25] Joost A. M. Meerloo, “The Biology of Laughter,” p. 36 والتشديد منه .

[26] Paul Margueritte, Nos Tréteaux (Paris: Dorbon Aine, 1910), p. 15. ترجمتي.

[27] المصدر نفسه. ترجمتي.

[28]  لنلاحظ أن ممثل واحد، مارجرِت، هو الذي يؤدي الدورين، المهرج والزوجة، المُزغزِغ والمُزغزَغ. [المترجم]

[29]  نُشرت لأول مرة كمطوية في سنة 1882. ترجمها دانيال چيرو بترجمة ممتازة إلى الإنجليزية:

 Daniel Gerould, “Pierrot Assassin of His Wife,” The Drama Review, vol. 23, no. 1 (March 1979), pp. 113–118.

وانظر أيضا شرح چيرو المفيد المنشور في نفس العدد: 

“Paul Margueritte and Pierrot Assassin of His Wife,”.

 

[30] Stéphane Mallarmé, Divagations, trans. Barbara Johnson (Cambridge, MA: Harvard University Press, 2007), p. 140.

[31]  من الصدف الطريفة، أن نيتشه خط شذرته هذه، «ما هي أفضل حياة؟ أن نُزغزَغ حتى الموت،» في نفس السنة التي نُشرت فيها مسرحية پول مارجرِت، 1882.

[32] Stéphane Mallarmé, Divagations, p. 140 التشديد منه .

[33] Jacques Derrida, Dissemination, trans. Barbara Johnson (Chicago: University of Chicago Press, 1981), p. 219.

[34] دِريدا مستشهدا بمالارميه، Dissemination، ص 210.

[35] Stéphane Mallarmé, Divagations, p. 140.

[36] Charles Darwin, The Expression of the Emotions in Man and Animals, ed. Francis Darwin (Cambridge: Cambridge University Press, 2009), p. 210.

التعليقات

أضف تعليقك

الكتاب

آرون شوستر

آرون شوستر

 فيلسوف أمريكي معاصر، أهم أعماله كتاب "The trouble with pleasure"، الذي سعى فيه …

المترجم

طارق عثمان

طارق عثمان

باحث ومترجم، ينصب اهتمامه بالفلسفة المعاصرة والتحليل النفسي، صدر له العديد من ال…

أوراق ودراسات ذات صلة

مشاهدة المزيد
دين الرأسمالية (لاهوت النقود)
  • بينيات

دين الرأسمالية (لاهوت النقود)

جسد الَّذين أنعم الله عليهم
  • بينيات

جسد الَّذين أنعم الله عليهم

يا علبة الصبر:  كيف تورث الأغنية حكمة الأيام؟!
  • لا هذا ولا ذاك

يا علبة الصبر: كيف تورث الأغنية حكمة الأيام؟!

فرانسوا توسكييز وثورة الطب النفسي
  • تخصصات

فرانسوا توسكييز وثورة الطب النفسي

ملفات تعريف الارتباط

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا وملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية حتى نتمكن من عرض هذا الموقع وفهم كيفية استخدامه بشكل أفضل ، بهدف تحسين الخدمات التي نقدمها. إذا واصلت التصفح ، فإننا نعتبر أنك قبلت ملفات تعريف الارتباط.